ويقع الكلام بعد ذلك في ما يترتب على العمل بالبراءة قبل الفحص ، والبحث عنه في جهتين :
الجهة الأولى : في حكمه من حيث العقاب وعدمه.
والجهة الثانية : في حكمه من حيث صحة العمل وفساده.
أما الجهة الأولى : فترتب العقاب على العمل بالبراءة قبل الفحص في الجملة ، كما إذا انكشف انه مخالف للواقع ، مما لا إشكال فيه على جميع وجوه لزوم الفحص لتنجز التكليف وعدم قيام المؤمّن عقلا ولا شرعا.
إنما الكلام في موضوع العقاب ، فهل هو مخالفة الواقع ، أو انه ترك التعلم المؤدي إلى المخالفة ، أو انه ترك التعلم مطلقا ولو لم يؤد إلى المخالفة؟.
وتحقيق ذلك : انه بناء على وجوب الفحص بملاك عدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان قبل الفحص وثبوت قاعدة الاشتغال بملاك دفع الضرر المحتمل ، يكون العقاب على مخالفة الواقع ، لأن قاعدة الاشتغال لا تنجز غير الواقع المحتمل كما لا يخفى.
كما انه بناء على وجوب الفحص بملاك العلم الإجمالي يكون العقاب على مخالفة الواقع أيضا ، لأن العلم ينجز الواقع المعلوم. وهكذا الحال بناء على المختار ، لأنه يرجع إلى تقييد الأدلة الشرعية على البراءة بصورة الفحص ، فلا يحكم الشارع بالمعذرية قبل الفحص ، فالمنظور فيه هو الواقع نفسه.
وبالجملة : بناء على هذه الوجوه لا موهم لثبوت العقاب على ترك الفحص والتعلم ، لعدم كونه واجبا شرعيا.
وإنما الموهم لثبوت العقاب على ترك التعلم ـ في صورة عدم المخالفة ـ أحد وجهين :
الأول : التجري ، فان الإقدام على ما يحتمل معه مخالفة المولى مع عدم