وقد نقل الشيخ (١) وغيره (٢) ـ بعد ذلك ـ عن الفاضل التوني اشتراط العمل بالبراءة بشرطين :

أحدهما : ان لا يكون مستلزما لإثبات حكم تكليفي ، ومثاله إجراء أصالة البراءة من الدين ، فيثبت بها وجوب الحج لعدم المزاحم.

والآخر : ان لا يكون مستلزما للإضرار بالغير ، كفتح قفص طائر يستلزم طيرانه ، فانه لا مجال للتمسك بأصالة البراءة في إثبات جواز فتح القفص.

وقد توجهت المناقشات على الفاضل التوني ..

فنوقش الوجه الأول : بأنه لا مانع من جريان البراءة إذا كانت موضوعا للحكم الشرعي ، واما إذا لم تكن موضوعا للحكم الشرعي فلا تتكفل البراءة إثبات الحكم إلا على القول بالأصل المثبت.

ونوقش الوجه الثاني : بان المورد ان كان من موارد دليل نفي الضرر ، فعدم جريان البراءة لأجل وجود دليل اجتهادي مقدم عليها لا من جهة الضرر.

وان لم يكن من موارد دليل نفي الضرر ، فلا مانع من إجراء البراءة.

هذه خلاصة بعض المناقشات.

وقد تصدى المحقق النائيني قدس‌سره في مناقشة الوجه الأول إلى بيان الموارد التي ينفع إجراء البراءة في إثبات التكليف فيها ، والموارد التي لا ينفع إجراء البراءة في إثبات التكليف فيها ، وذكر تفصيلا رشيقا وإن كان لا يخلو عن بحث في بعض أمثلته وخصوصياته ـ كمثال الحج ، فانه التزم ان إجراء البراءة لا ينفع في إثبات وجوبه ، لأن الحج مقيد بعدم اشتغال الذّمّة واقعا ، والبراءة لا

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣١١ ـ الطبعة الأولى.

(٢) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٣٠٢ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٢ ـ ٥١٢ ـ الطبعة الأولى.

۴۸۷۱