المقام الأول : في منجزية العلم الإجمالي بلحاظ المخالفة القطعية ، بمعنى أنه هل يقتضي حرمة المخالفة القطعية أو لا؟.
وكلمات الاعلام لا تخلو من إطالة ، ولكنها إطالة خارجة عن محور البحث الأساسي ولعله لأجل عدم اقتضاء محور البحث لكثير من التطويل ، فالتجئوا إلى إضافة ما لا مساس له في المقام.
والتحقيق : انه مع عدم ورود ترخيص من المولى في ارتكاب جميع الأطراف ، لا إشكال في كون العلم منجزا ، فيحكم العقل باستحقاق العقاب على المخالفة القطعية لأجل العلم الإجمالي ، وليس الحال فيه كالحال في الجهل البدوي الّذي يحكم العقل فيه بعدم استحقاق العقاب ، وإن نسب ذلك إلى بعض. لكنه خلاف البديهية والوجدان.
إنما الإشكال في منجزية العلم مع ورود الترخيص من المولى في المخالفة ، فان ثبت حكم العقل باستحقاق العقاب عند العلم الإجمالي ولو مع ترخيص المولى ، كان ترخيص المولى ممتنعا عقلا لمنافاته لحكم العقل بالقبح. وان لم يثبت حكمه بالمنجزية بقول مطلق حتى مع الترخيص ، لم يكن مانع من ترخيص المولى لعدم منافاته لحكم عقلي قطعي.
ومرجع ذلك إلى الإشكال في ان حكم العقل بمنجزية العلم تنجيزي ، فيتنافى مع ترخيص الشارع ويمنع من تحققه ، لأنه ترخيص في ما يحكم العقل بقبحه. أو انه تعليقي معلق على عدم ورود ترخيص الشارع ، فلا يتنافى مع الترخيص.
فالمهم تحقيق هذه الجهة. وقد ذهب المحقق العراقي إلى أنه تنجيزي ، مستدلا عليه بالارتكاز وتحكيم الوجدان (١). ولكنه قابل للتشكيك عندنا ولم يثبت
__________________
(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٣٠٦ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.