أما الجهة الأولى الفقهية ، فهي البحث عن كيفية تنجس ملاقي النجس ، وانّه بنحو يكفي في تنجيزه العلم الإجمالي الّذي يدور طرفه بين الملاقى ـ بالفتح ـ وطرفه الآخر ، أو أنه بنحو لا يتنجز إلا بمنجز آخر غير العلم الإجمالي المتعلق بالمردد بين الملاقي والطرف الآخر؟.
وأما الجهة الأصولية ، فهي البحث ـ على التقدير الثاني من الجهة الفقهية ـ عن ان الملاقي هل هو طرف لعلم إجمالي منجز آخر ، فيجب الاجتناب عنه الملاقى أو ليس كذلك فلا يجب الاجتناب عنه كسائر ما شك في طهارته ونجاسته بالشبهة البدوية؟.
أما الجهة الأولى : فتحقيق الكلام فيها : أنه لا إشكال في نجاسة ملاقي النجس. إنما الكلام في كيفية تنجسه فيه. وهي ثبوتا تحتمل وجوها أربعة :
الأول : أن يكون من جهة سراية النجاسة إلى الملاقي حقيقة وواقعا ، وانبساطها بنحو تشمله ، فلا يكون الحكم باجتناب الملاقي حكما جديدا ، بل هو عين الحكم الأول ، وإنما اتسعت دائرة متعلقه ، ونظيره في التكوينيات انحلال الجوهر النجس بالماء ، فيتلوّن جميع الماء بلون الجوهر بالسراية الحقيقية ، ويكون الحكم باجتناب الجوهر مستلزما لاجتناب جميع الماء لاتساع دائرة الجوهر ، بعد أن كانت ضيقة عند انكماشه وجموده.
الثاني : ان يكن من جهة ان الاجتناب عن ملاقي النجس من شئون وتبعات الاجتناب عن النجس ، بحيث لا يتحقق الاجتناب عن النجس إذا لم يجتنب عن ملاقيه ، كإكرام خادم العالم أو ابنه الّذي يعد إكراما للعالم نفسه عرفا.
الثالث : ان يكون لزوم الاجتناب عن الملاقي حكما تعبديا مستقلا ، لكن فعليته بفعلية لزوم الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ ، ولا تتوقف على تحقق الملاقاة.
الرابع : ان يكون حكما مستقلا ولا يصير فعليا إلا بفعلية موضوعه وهو