بلحاظ المخالفة القطعية ، فلا يجوز ترك امتثال كلا الحكمين المحتملين. ولا يسقط عن التنجيز بالمرة ، كما يأتي في محله. وببيان آخر : ان المكلف مضطر إلى مخالفة أحد الطرفين لا بعينه ، وبمقتضى ما سيجيء في صورة الاضطرار إلى أحد الطرفين لا بعينه ، هو الالتزام بمنجزية العلم الإجمالي في الطرف الآخر ، وحرمة مخالفته قطعا.

وهذا الأمر التزم به صاحب الكفاية هاهنا (١). مع انه لا يرى منجزية العلم الإجمالي مع الاضطرار إلى أحد الأطراف لا بعينه ، بل يرى سقوطه عن المنجزية رأسا حتى بالنسبة إلى المخالفة القطعية ، ولذا التزم في مبحث دليل الانسداد سقوط العلم الإجمالي عن المنجزية للاضطرار إلى بعض الأطراف للزوم اختلال النظام بالاحتياط التام ، وان استفادة الاحتياط في باقي الأطراف لا بد أن يكون بدليل آخر من إجماع أو غيره (٢).

ولأجل ذلك أورد عليه : بان التزامه بحرمة المخالفة القطعية فيما نحن فيه لا يتلاءم مع مختاره فيما يأتي إن شاء الله تعالى ، لأن المورد من موارد الاضطرار إلى أحد الأطراف لا بعينه. فلاحظ (٣).

الجهة الثانية : فيما ذكره من عموم محل الكلام لهذه الصورة وعدم اختصاصه بالتوصليين ، وقد تقدم نقل كلامه واعتراضه على الشيخ في تخصيصه الكلام في التوصليين.

والّذي نراه ان ما ذكره الشيخ رحمه‌الله هو الصحيح المتعين ، فان جميع الوجوه التي تذكر في التوصليين لا تتأتى في هذه الصورة. بيان ذلك : أما جريان أصالة البراءة بالتقريب السابق ، فهو لا يمكن الالتزام به هاهنا لأن إجراء

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٥٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣١٣ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٣) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ـ ٣ ـ ٢٩٧ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۴۸۷۱