ولا يخفى عليك ان المتعين الالتزام بان المراد به هو الضرر الشخصي ، لأن الضرر كسائر الألفاظ موضوع للمفاهيم الواقعية ، وهو ظاهر في الفعلية دون الاقتضائية أو النوعية. فحين يتكفل الحديث نفي الضرر عن المكلف ، فظاهره نفي الضرر الفعلي الوارد عليه. ولا وجه لحمل الكلام على خلاف ظاهره. وهذا المطلب واضح جدا لا يحتاج إلى مزيد بحث.

وأما استدلال المحقق النائيني رحمه‌الله على كون المراد هو الضرر الشخصي بورود الحديث مورد الامتنان ، وبكونه حاكما على أدلة الأحكام الأولية (١). فلم أعرف وجهه ، إذ من الممكن أن يقال : إن الحديث وإن كان واردا مورد الامتنان ، لكن الملحوظ هو الامتنان بحسب النوع. كما انه حاكم على أدلة الأحكام إذا ترتب عليها الضرر نوعا.

وبالجملة : الالتزام بإرادة الضرر النوعيّ لا ينافي الالتزام بالحكومة والامتنان ، فتدبر جيدا.

التنبيه الخامس : في تعارض الضررين وما يتناسب معه من فروع.

ذكر المحقق النائيني قدس‌سره في التنبيه السادس : ان مقتضى ورود الحديث في مقام المنّة عدم وجوب تحمل الإنسان الضرر المتوجه إلى الغير لدفعه عنه ، ولا وجوب تدارك الضرر الوارد عليه ، بمعنى انه لا يجب رفعه عن الغير كما لا يجب دفعه. وهكذا لا يجوز توجيه الضرر الوارد إليه إلى الغير ، فلو توجه سيل إلى داره ، فان له دفعه ولا يجوز توجيهه إلى دار غيره ، لتعارض الضررين وعدم المرجح لأحدهما على الآخر.

ومقتضى ذلك انه لو دار الأمر بين حكمين ضرريين بحيث يلزم من رفع أحدهما الحكم بثبوت الآخر ، هو اختيار أقلهما ضررا ، ولا يختلف الحال بالنسبة

__________________

(١) الخوانساري الشيخ موسى. قاعدة لا ضرر ـ ٢٢٢ ـ المطبوعة ضمن غنية الطالب.

۴۸۷۱