﴿ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ (١). وعليه فلا يتعين كونها بمعنى الباء في الرواية.

وأما لفظ : « الشيء » ، فلا يراد به العام الاستغراقي ، لأنه يعبر به عن الواحد ولا يعبر عن المتعدد ، وانما يعبر عنه بأشياء ، فلو أراد العام لناسب أن يعبر بأشياء.

كما ان إرادة الطبيعة والكلي في : « منه » ممكنة في حد نفسه ، إلا ان إرادة الكلي في المقام ممتنعة ، إلاّ انه لا يناسب التبعيض ، إذ الفرد مصداق للكلي لا بعضه ، فيتعين ان يراد به المركب ذو الاجزاء. فتكون دالة على المدعى (٢).

هذا تقريب دلالة الرواية على المدعى.

لكن هاهنا إشكالا نبّه عليه في الكفاية (٣) وتبعه عليه غيره (٤) وهو : أن مورد الرواية لا يتلاءم مع المركب ذي الاجزاء ، بل يلائم الكلي ذي الافراد ، إذ المسئول عنه هو وجوب تكرار الحج وعدمه بعد تعلق الأمر به ، وبمقتضى البيان المزبور للجواب لا يكون الجواب مرتبطا بالسؤال ، ولأجل ذلك ذهب البعض إلى إجمال الرواية أو التصرف في لفظ : « من » بحمله على معنى الباء أو كونها بيانية ، إذ يرتفع التنافي بذلك كما لا يخفى.

واما المحقق الأصفهاني ، فقد ذهب إلى كون مقتضى التحقيق : ان : « من » ليست بمعنى التبعيض بعنوانه كي لا يتلاءم مع إرادة الكلي من الشيء ، بل هي لمجرد اقتطاع مدخولها من متعلقه ، وهذا الاقتطاع قد يوافق التبعيض أحيانا ، وبما ان الفرد منشعب من الكلي لانطباقه عليه ، صح اقتطاع ما يستطاع منه ، فلا يتعين مع ذلك إرادة المركب ، بل يراد من : « الشيء » الكلي ويراد من لفظ : « منه »

__________________

(١) سورة النساء الآية : ١٩.

(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٩٨ ـ الطبعة الأولى.

(٣) الخراسانيّ المحقق محمد كاظم كفاية الأصول ـ ٣٧٠ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٤) الكاظمي الشيخ محمد علي فوائد الأصول ٤ ـ ٢٥٤ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۴۸۷۱