مع تعذر الباقي.

وقد استوضح الشيخ رحمه‌الله دلالتها على المدعى جدا ، وبنى ذلك على ظهور لفظ : « من » في التبعيض (١).

وتوضيح ذلك كما أشار إليه المحقق الأصفهاني قدس‌سره : ان لفظ : « شيء » اما ان يراد منه المركب أو العام أو الكلي والطبيعة. ولفظ : « من » إما ان يراد بها معنى التبعيض أو تكون بيانية أو بمعنى الباء.

ومن الواضح انها انما تفيد المدعى لو أريد من الشيء المركب وكانت : « من » تبعيضية ، فانها تكون ظاهرة في انه إذا تعلق الأمر بمركب ذي اجزاء فأتوا بعضه الّذي تستطيعونه.

أما إذا أريد من : « من » معنى الباء ، فتكون ظاهرة في إرادة انه إذا تعلق الأمر بشيء فأتوا به مدة استطاعتكم ، ومن الواضح انه أجنبي عما نحن فيه.

كما أنه إذا كان المراد من : « من » البيان ، كانت ظاهرة في انه إذا تعلق الأمر بكلي فأتوا من افراده ما استطعتم. وذلك أجنبي عن المدعى بالمرة.

وقد أفاد المحقق الأصفهاني في تقريب كلام الشيخ : انه لا معنى لكون « من » بيانية في خصوص الرواية ، ضرورة ان مدخولها لا يصلح بيانا للشيء ، لأنه الضمير وهو مبهم.

وأما كونها بمعنى الباء ، فالذي يوهمه عدم تعدي الإتيان بنفسه ، وانما يتعدى بالباء ، فيقال : « أتيت به » بمعنى أوجدته. ولكن الأمر ليس كذلك ، إذ الإتيان يتعدى بنفسه تارة كقوله تعالى : ﴿ وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ (٢) وقوله تعالى : ﴿ وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (٣). ويتعدى بالباء أخرى كقوله تعالى :

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٩٤ ـ الطبعة الأولى.

(٢) سورة النساء الآية : ١٥.

(٣) سورة الأحزاب الآية : ١٨.

۴۸۷۱