من افراده ، وتكون ما موصولة لا مصدرية ظرفية. فيتلاءم مع مورد الرواية والسؤال (١).
أقول : ما أفاده قدسسره وان استلزم حل المشكلة ، لكن كون : « من » بمعنى الاقتطاع لا بمعنى التبعيض لا طريق إلى إثباته ، وانما هو مجرد تصور وفرض ، فلا نستطيع الجزم به كما لا نجزم بعدمه ، ومثله لا يكفينا في حلّ المشكلة.
فالمتعين أن يقال في معنى الرواية : انه لا يحتمل ان يكون المراد من قوله صلىاللهعليهوآله : « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم » هو الأمر بتكرار المأمور به قطعا إذ ظاهر الصدر انه ليس بواجب ـ بملاحظة قوله : « ويحك ... ». وبذلك يظهر غفلة الاعلام ( قدّست أسرارهم ) عن هذا الأمر الواضح ، إذ تصوروا دلالة الرواية على التكرار لو حملت : « من » على معنى الباء أو البيانية ، فلاحظ كلماتهم ـ. مضافا إلى ان عدم وجوب تكرار الحج من القطعيات ، بل الّذي يراد به هو الأمر به في حال الاستطاعة.
ولا يخفى ان عدم عموم قوله المزبور ـ على هذا التفسير ـ ، للأمر بالطبيعة والأمر بالمركب إنما ينشأ من تخيل ان مقتضى حمله على المركب يقتضي تقييد الموضوع بصورة تعذر بعض اجزائه ، ومقتضى حمله على الكلي يقتضي عدم تقييده ، إذ المفروض تعلق الأمر به والبعث نحوه بلا نظر لمرحلة تعذر بعض اجزائه. ولكنه تخيل فاسد ، إذ لا داعي لهذا التقييد لو أريد به المركب ، إذ ليس المراد هو الأمر بالمستطاع من الاجزاء مع تعذر البعض ، بل المراد هو الأمر بالمركب بمقدار ما يستطيعه المكلف منه ، فان كان مستطيعا على الكل وجب الجميع ، وإلا وجب البعض.
وهذا نظير ان يقول المولى لعبده بعد أمره بمجموعة أجزائه : « ائت
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٩٩ ـ الطبعة الأولى.