المتقدم متعلقا بما هو منجز ، فلا يصلح لتنجيز أطرافه (١).
أقول : إن صاحب الكفاية حيث بنى كلامه في دعوى الانحلال على ان المنجز لا يتنجز ، كما وجهت به عبارته من قبل المحقق الأصفهاني ، كان التفصيل الّذي ذكره بين هذه الصور في غاية المتانة ، إذ المدار حينئذ على تأخر العلم وتقدمه ، لا تأخر المعلوم وتقدمه ، فالعلم المتأخر لا يكون منجزا ، لأنه يتعلق بما هو منجز وهو لا يقبل التنجيز ثانيا ، وليس هذا من جهة أخذ العلم موضوعا لا طريقا كما لا يخفى.
وعليه ، فيرد على المحقق النائيني : انه على تقدير تمامية ما أفاده ، فهو لا يصلح إيرادا على صاحب الكفاية فيما نحن فيه ، لأنه إيراد مبنائي وهو خارج عن الأسلوب العلمي في مقام النقض والإبرام.
هذا ، مع ان ما أفاده غير تام في نفسه ، لأن دعوى تنجيز العلم المتأخر معلومه من السابق خالية عن السداد ، لأن المعلوم إذا كان في ظرفه غير منجز في حق المكلف ، ثم بعد حين تعلق به العلم ، لم يصلح العلم لتنجيزه في ظرفه السابق ، فان الشيء لا ينقلب عما وقع عليه ، مع انه لا معنى لتنجيزه بعد مضي ظرفه. نعم العلم يكون منجزا من حين حدوثه ، كما تقدم بيان ذلك في مبحث الانحلال والاضطرار فراجع.
ثم إنك حيث عرفت ان بناء الانحلال على عدم صلاحية المنجز للتنجيز لا ترجع إلى محصل ، فلا بد من معرفة حكم هذه الصور على الوجه الّذي اخترناه في تقريب الانحلال.
والحق ان الوجه الّذي ذكرناه لتقريب الانحلال في الصورة الأولى يأتي في سائر الصور ، لأنه يصح ان نقول في جميعها ان التكليف بين الملاقى والطرف
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٨٦ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.