وجوب ما عرفت عليه على التفصيل المتقدم ، وإن قلنا إن تكليف مثله الرجوع إلى غيره كان من المقلدين حينئذ ، ولعل التفصيل بين تارك الاستفراغ للتقصير وبينه لمانع شرعي فيحتاط الأول ويرجع إلى غيره الثاني لا يخلو من وجه ، ولتحرير المسألة محل آخر ، إذ هي لا تخص المقام ، والمجتهد اجتهادا فاسدا للتقصير في النظر وغيره كغير المجتهد ، ولعل منه من ذهب إلى وجوبها عينا في زمن الغيبة ، فلا يجزيه صلاتها عن الظهر ، ومن أداه اجتهاده إلى التحريم لا يشرع له الاحتياط بالجمع ، مع احتماله لكون الحرمة تشريعية ترتفع بالفعل بعنوان الاحتياط وإن كان مستحبا ، نعم لا يجوز للمجتهد العمل على خلاف مقتضى ظنه في نحو الفرض لو كانت الحرمة المظنونة ذاتية ، كما أنه لا يجوز لمن كان رأيه الحرمة من المجتهدين الفعل بعنوان الاحتياط ، ضرورة أن الواجب عليه العمل برأيه ، فمع فرض كونه الحرمة لا سبيل له إلى امتثال أوامر الاحتياط ، فلا يسعه الجمع بينهما ، إذ الاحتياط المندوب للمجتهد إنما هو إذا لم يكن منافيا ، كما إذا كان رأيه الوجوب التخييري قاطعا بعدم العينية أو الحرمة فإن له الاحتياط بالترك مثلا تخلصا من احتمال الحرمة ، أو بالفعل تخلصا من الوجوب العيني ، ومع احتمالهما مع ذلك ينبغي ترجيح أحد طريقي الاحتياط بما يصلح مرجحا له ، لا يقال : من كان رأيه عدم وجوب السورة في الصلاة مثلا يصح له الاحتياط بالفعل ، مع أن مرجع ظنية عدم الوجوب إلى الحرمة التشريعية لو فعل أيضا فالمقام مثله ، إذ أقصى ظنية الحرمة عدم ثبوت المشروعية ، فيصح له الفعل بعنوان الاحتياط الذي لا يعارض التشريع ، لأنا نقول : يمكن الفرق بين المقامين بأن ما نحن فيه من العبادات المستقلة التي لا يجوز فعلها بمجرد احتمال المشروعية إذا كان المجتهد ظانا خلافها ، وهو مأمور بالعمل بظنه بخلاف نحو السورة التي من المعلوم عدم البأس في قراءتها بأثناء الصلاة وإن لم تكن واجبة فيها ، فمن ظن عدم توقف الصحة عليها مثلا لا يمتنع فعلها احتياطا لاحتمال الجزئية ، ضرورة دوران الأمر

۴۸۶۱