وقد ذكرت في تقريبه وجوه لا تخلو من مناقشة. وهي :
الوجه الأول : ان العلم الإجمالي ينحل حقيقة وتكوينا بواسطة العلم التفصيليّ ، لأنه إن كان متعلقا بالجامع بين الطرفين مع الشك في كلتا الخصوصيّتين فهو يرتفع بالعلم التفصيليّ بثبوت الحكم في الطرف المعين. وان كان متعلقا بالفرد المردد ، فلا تردد حينئذ للعلم بالخصوصية على نحو التعيين.
وأما الأمارة ، فالعلم الإجمالي ينحل بها حكما وتعبدا ، لأن دليل الاعتبار يقتضي تنزيل الأمارة منزلة العلم ، فيترتب عليها جميع آثاره ومنها الانحلال كما عرفت.
وأما في صورة قيام الأصل المثبت في أحد الطرفين ـ شرعيا كان أم عقليا ـ ، فالانحلال يتحقق من جهة جريان الأصل النافي في الطرف الآخر بلا معارض ، لأن عدم جريانه لأجل المعارضة ، فإذا لم تكن معارضة فلا مانع من جريانه.
وهذا الوجه يستفاد من بعض كلمات المحقق النائيني ـ وإن لم يذكر صريحا في كلماته المنسوبة إليه ـ ، كالتزامه بانحلال العلم الإجمالي بالعلم التفصيليّ تكوينا ، وقياس الأمارة عليه بناء ، على ما يذهب إليه من جعل الطريقية ، وتعليله ذلك بان الأمارة طريق تعبدا (١).
وعلى أي حال ، لا يهمنا ذلك ، بل المهم تحقيق هذا الوجه صحة وبطلانا. فنقول : ما ذكره أخيرا في مورد قيام الأصل المثبت يتأتى في جميع الصور. إذ مع قيام العلم التفصيليّ أو الأمارة ، يمكن أيضا إجراء الأصل النافي في الطرف الآخر بلا معارض ، وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله تعالى في الوجه الثالث.
وأما ما أفيد في وجه الانحلال الحكمي عند قيام الأمارة ، فهو غريب ،
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٤١ و ٣ ـ ١٧ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.