يقتضي التعارض تساقط الأصول في جميع الأطراف فتجب الموافقة القطعية حينئذ ، أو انه يقتضي التخيير بينها ، فلا تجب الموافقة القطعية؟. ـ وقد أشرنا سابقا إلى أن هذا البحث يبتني على عدم الالتزام بعلية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية ، وصحة ترخيص الشارع في أحد الأطراف.

وإلا فلا موضوع للبحث عن التساقط والتخيير ، لعدم صحة إعمال الأصل في بعض الأطراف ، كي يتحقق التعارض ، إذ الأصل في كل طرف لا يجري بنفسه ـ.

وقد ذهب المحقق النائيني قدس‌سره إلى : أن مقتضى التعارض هو التساقط ، وذلك لأن إعمال الأصل في كلا الطرفين يستلزم الترخيص في المعصية ، وأعماله في أحد الطرفين معيّنا ترجيح بلا مرجح ، وفي أحدهما لا بعينه غير صحيح ، لأن الأصول انما تجري في كل طرف بعينه. فيتحقق التساقط (١).

ولكن الّذي نختاره في هذه الجهة هو : ان مقتضى التعارض هو التخيير لا التساقط. وبيان ذلك : أن التخيير هاهنا يتصور بنحوين :

النحو الأول : ان يكون مجرى الأصل هو أحد الطرفين لا بعينه ، لأن مقتضى المحذور العقلي هو امتناع إجراء الأصل في كلا الطرفين ، اما إجراؤه في أحدهما لا بعينه فلا محذور فيه. فيلتزم به.

وهذا الوجه لا يمكن الالتزام به لا من جهة ان الواحد لا بعينه ، أو على البدل لا ثبوت له ، بل من جهة قصور مقام الإثبات عن إثبات هذا الوجه.

وذلك فانه لو التزمنا بصحة جعل الأصل في أحد الطرفين لا بعينه ثبوتا ، فان دليل الأصل انما يتكفل جعله في كل فرد من افراد موارده بنفسه وبخصوصه لا في كل فرد لا بعينه وعلى البدل ، فهو نظير دليل الحجية يتكفل جعلها لكل

__________________

(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم أجود التقريرات ٢ ـ ٢٤١ و ٢٤٣ ـ الطبعة الأولى.

۴۸۷۱