شرائط الحجية فيه ، فتثبت حجيته بهذا المقدار ، لأن المعلوم بالإجمال هو عنوان أحدهما بلا زيادة خصوصية توجب ربطه بأحدهما المعين في الواقع ، ورتّب على ذلك انه لا يثبت بذلك سوى أثر الجامع وهو نفي الثالث (١).
فقد أوضحنا تصويره في مبحث التعادل والتراجيح بما لا مزيد عليه (٢). ولكن أوردنا عليه إيرادات متعددة. ومن جملتها (٣) : ان دليل الحجية يتكفل إثبات الحجية لكل فرد بخصوصه من أفراد الخبر ، ولا يتكفل بيان حجية : « أحدهما » ، لأنه في حد نفسه ليس فردا من أفراد الخبر.
وعلى كل فنوكل الكلام في ذلك إلى محله.
والّذي يتلخص مما بيناه : ان العلم الإجمالي منجز بالنسبة إلى الموافقة القطعية ، ولا مجال لجريان الأصول في كل طرف من أطرافه بنفسه.
ثم إنه لو بني على أن تأثير العلم الإجمالي في الموافقة القطعية بنحو الاقتضاء لا العلية التامة ، بحيث لم يكن مانعا من جريان الأصول في بعض أطرافه دون بعض ـ كما عليه المحقق النائيني رحمهالله (٤) ـ ، فهل يقتضي ذلك تساقط الأصول في أطرافه ، أو التخيير بينها ، فيؤخذ بها في بعض الأطراف دون بعض؟. توضيح ذلك : انه قد عرفت شمول أدلة الأصول لأطراف العلم الإجمالي مع قطع النّظر عن منجزيته ، وبعد فرض امتناع الترخيص في المخالفة القطعية يمتنع إعمال الأصول في جميع الأطراف لاستلزامه الترخيص في المخالفة القطعية.
وعليه ، فيقع التعارض بين الأصول في أطراف العلم الإجمالي ، فهل
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم كفاية الأصول ـ ٤٣٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
(٢) في البحث عن الأصل الأولى في التعارض.
(٣) هو ما ذكره السيد الأستاذ دام ظله في هذا المقام.
(٤) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم أجود التقريرات ٢ ـ ٢٤٢ ـ الطبعة الأولى.