الثانية : فيما أفاده من لزوم تأخر الدليل الحاكم عن الدليل المحكوم زمانا.

فانه يرد عليه : ان الضابط الّذي تقدم بيانه للحكومة وإن اقتضى تفرع الحاكم على المحكوم. لكنه لا يقتضي تفرعه عليه تفرع المعلول عن العلة والمسبب عن السبب كي لا يصح تقدمه زمانا ، بل انما يقتضي كون الحاكم من شئون الدليل المحكوم وتوابعه ، وهذا لا ينافي تأخر المحكوم وجودا.

نعم ، غاية ما يلزم هو ثبوت المحكوم وتحققه ولو في زمان متأخر ، إذ من الممكن ان يكون الشيء من توابع شيء آخر مع تقدمه زمانا ، كتهيئة الطعام للضيف قبل الظهر مع انه من شئون مجيئه للدار المتأخر زمانا. فتدبر.

الثالثة : فيما أفاده في وجه تقدم الحاكم على المحكوم من عدم المعارضة بينهما. فانه يرد عليه :

أولا : ان الدليل الّذي يتكفل هدم موضوع الدليل الآخر ، انما لا ينافيه إذا كان تصرفه فيه تكوينيا ، نظير تصرف الأمر بالأهم في موضوع الأمر بالمهم في باب الترتب ، لا ما إذا كان تصرفه فيه تعبديا ، لأن مرجع النفي التعبدي للموضوع إلى نفي الحكم نفسه ، فيتنافى مع دليل إثبات الحكم لذلك الفرد ، والدليل الحاكم كذلك ، لأنه يتكفل نفي الموضوع تعبدا وتنزيلا لا حقيقة.

وثانيا : ان الدليل الحاكم لا ينحصر فيما يتكفل نفي الموضوع ، بل من الأدلة الحاكمة ما يتكفل نفي الحكم مباشرة ، بل قد جعله قدس‌سره من أوضح افراد الحكومة.

ومثل هذا الدليل يصادم الدليل المحكوم في مدلوله وينافيه. فما أفاده قدس‌سره لا يمكن الاعتماد عليه.

والّذي ينبغي ان يقال في وجه تقديم الحاكم على المحكوم ، هو : ان تقدمه عليه للقرينية ، إذ بعد ثبوت نظره للدليل المحكوم وتعرضه له يعدّ عرفا قرينة

۴۸۷۱