يكن شخص المعاملة ضرريا. كما أشار إليه في كلامه.
وهذا يصلح تأييدا ـ وان لم يصلح دليلا ـ لما ذكرناه من قرب كون ذكر « لا ضرر » من باب بيان الحكمة لا ضرب القاعدة العامة ، ويتأكد ذلك بملاحظة ان الأقدمين من الأصحاب « قدسسرهم » لم يوردوا تطبيقها في كثير من موارد العبادات والمعاملات ، وإنما ذكروها في موارد خاصة.
وجملة القول : ان ملاحظة ما ذكرناه بمجموعه ترفع من النّفس الاطمئنان بكون : « لا ضرر » قاعدة عامة تتكفل نفي الأحكام الضررية في جميع موارد الشريعة ، بل قد توجب الاطمئنان بالعدم ، وكون ذكرها من باب بيان حكمة التشريع. فلاحظ.
ثم إن الّذي يظهر من نفي الضرر في موارده في النصوص : كون الملحوظ نفي الضرر والإضرار بين الناس ، فتنفى جواز إضرار أحدهم بالآخر.
أما ارتكاب الشخص فعلا يستلزم الإضرار به نفسه ، فلا تعرض لها إليه ، ولذا لم يفهم الصحابة ـ جزما ـ عند ما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ضرر ولا ضرار » نفي الضرر المتوجه من قبل الشخص على نفسه ، بل المفهوم منها لديهم المنع عن إضرار أحدهم بالآخر.
وعلى هذا الاستظهار ، فلو سلم انها قاعدة عامة كلية ، فهي لا تشمل موارد العبادات كالوضوء والصوم والحج والصلاة وغير ذلك.
كما انه يظهر بذلك ان إنكار كلية القاعدة لا يلزم منه محذور ، لأن موارد تطبيقها في المعاملات قليلة ، وكثيرا ما يتوفر دليل في الموارد الخاصة يكون بديلا لها ويغني عن الرجوع إليها.
ولعل ما أوضحناه هو الوجه في عدم معاملة القدماء مع : « لا ضرر » معاملة القاعدة الكلية العامة ذات السعة والشمول بالنحو الّذي حققه المتأخرون.
ثم إنه بملاحظة هذا الاستظهار الأخير يتضح لدينا سر عدم شمول