ومن الواضح إن نفي الضرر لم يجعل في الرواية علة لحرمة الدخول بدون إذن ووجوب الاستئذان عند الدخول ، بل جعل علة للأمر بالقلع وهو لا يرتبط بنفي الضرر كما عرفت ، إذ ليس في بقاء العذق ضرر ، بل الضرر ينشأ من الدخول بلا إذن ، فأي ربط للأمر بالقلع بنفي للضرر والضرار الوارد في الحديث؟.

وقد أجاب المحقق النائيني رحمه‌الله عن هذا الإشكال بوجهين :

الأول : ان قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا ضرر » ليس علة لقلع العذق ، بل هو علة لوجوب الاستئذان عند الدخول ، والأمر بقلع العذق كان مترتبا على إصرار سمرة على إيقاع الضرر على الأنصاري وعدم اهتمامه بأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنه بذلك أسقط احترام ماله فأمر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقلع العذق من باب الولاية حسما للفساد.

الثاني : وقد أطال فيه ، ومحصله : انه يمكن ان يفرض كون نفي الضرر علة لقلع العذق. ببيان : ان حديث نفي الضرر حاكم على قاعدة السلطنة التي يتفرع عليها احترام مال المسلم الّذي هو عبارة عن سلطنته على منع غيره عن التصرف في ماله ، فإذا تكفلت القاعدة نفي السلطنة فقد جاز قلع العذق لعدم احترام ماله حينئذ.

وقد نفي دعوى كون السلطنة ذات جزءين ، وجودي ، وهو سلطنته على التصرف في ماله. وعدمي ، وهو سلطنته على منع غيره من التصرف في ماله. والضرر الوارد على الأنصاري انما هو بملاحظة الجزء الوجوديّ لا السلبي ، فغاية ما ترفعه قاعدة : « لا ضرر » هو الجزء الوجوديّ ، وأما سقوط احترام ماله رأسا فلا وجه له ، ولذا لا إشكال في جواز بيعه وهبته. نفي هذه الدعوى : بأن التركب المدعى تحليل عقلي. والضرر وان نشأ من الدخول بلا استئذان ، إلا انه حيث كان متفرعا على إبقاء نخلته في البستان فالضرر ينتهي إليه لأنه علة العلل ،

۴۸۷۱