وقد عرفت ان كلا الاستعمالين متداول عرفا ، فمثلا إذا توجه سيل ماء على بيت شخص بحيث يشكل خطرا عليه ، فقد يقول القائل انه لا خطر على صاحب البيت ويكون قصده بيان تفرق السيل وتبدده في الرمال فلا مقتضي للخطر. وقد يقول انه لا خطر على صاحب البيت ويكون قصده بيان وجود مانع يصدّ السيل عن الوصول إلى البيت فيرتفع الخطر ، وهو في كلا الاستعمالين أخبر عن ارتفاع الخطر حقيقة وكان في نفس الوقت يقصد بيان لازمه من عدم المقتضي أو وجود المانع. فلا مخالفة للظاهر في هذا الاستعمال.
ولأجل ما ذكرنا كان الاحتمالان الأول والثاني كفرسي رهان لا يمكن ترجيح أحدهما على الآخر ، لعدم وجود ما يعينه.
نعم قد يقال بترجيح الثاني بملاحظة تطبيق القاعدة في بعض الروايات على مورد لا يحرم الضرر فيه ، بل الثابت فيه ارتفاع الحكم الضرري ، وهو مورد الأخذ بالشفعة ، فان بيع الشريك حصته من غير شريكه ليس محرما ، بل لا لزوم له لأجل الضرر ، فالالتزام بالوجه الأول يتنافى مع تطبيق الحديث في مورد الشفعة.
ولكن في قبال هذا الإشكال إشكال آخر على الوجه الثاني نظيره ، فان الحديث طبق أيضا في مورد لا حكم فيه من الشارع يستلزم الضرر فلا بدّ ان يحمل فيه على إرادة النهي والحرمة ، وهو مورد قضية سمرة بن جندب.
وتوضيح ذلك : ان الحكم الشرعي على نحوين اقتضائي كالوجوب والحرمة ، وغير اقتضائي كالإباحة. والحكم الّذي يستلزم الضرر ويكون منشئا لتحقق الضرر خارجا هو الحكم الاقتضائي ، لأنه يكون داعيا للمكلف نحو العمل ويتحرك المكلف نحو الفعل بملاحظة وجوده. وأما الحكم الترخيصي مثل الإباحة ، فبما انه لا اقتضاء فيه ولا تحريك ، فلا يكون منشئا للضرر ، لأن مرجع الإباحة إلى بيان عدم المانع من قبل الشارع وبيان عدم الملزم من قبله ، فهو لا