وجعلوا هذه المسائل مما استثني من مقتضى القاعدة في العمل بالبراءة قبل الفحص ، من دوران صحة العمل وبطلانه مدار الواقع.

وقد وقع الإشكال في الجمع بين صحة العمل وترتب العقاب على ترك الواقع.

وبيّنه الشيخ رحمه‌الله : بأنه إذا لم يكن معذورا من جهة العقاب كشف ذلك عن استمرار تكليفه بالواقع ، وحينئذ فما أتى به ان لم يكن مأمورا به فكيف يسقط معه الواجب؟. وإن كان مأمورا به فكيف يجتمع مع الأمر بالواقع ، إذ المفروض عدم الأمر إلاّ بصلاة واحدة.

وقد تصدى الاعلام قدس‌سرهم إلى حله ، والجمع بين الأمرين صحة العمل وثبوت العقاب على ترك الواقع.

وذكر الشيخ في حله وجوها ثلاثة :

الوجه الأول : الالتزام بعدم تعلق التكليف الفعلي بالواقع المتروك ..

إمّا بدعوى : كون القصر ـ مثلا ـ واجبا على المسافر العالم بالحكم ، وهكذا في الجهر والإخفات.

وإما بدعوى : كونه معذورا فيه ، نظير الجاهل بالموضوع الّذي يحكم عليه ظاهرا ، بخلاف الواقع. والجهل هاهنا وإن لم يحكم في مورده بخطاب ظاهري كجاهل الموضوع ، لكنه مستغنى عنه باعتقاده وجوب الشيء في الواقع ، فلا حاجة إلى إنشاء وجوبه ظاهرا.

واما بدعوى : عدم تكليفه بالواقع المجهول ، لأجل الغفلة عنه. والمؤاخذة انما تترتب على ترك التعلم كما بنى عليه صاحب المدارك.

وإما بدعوى : انه وان كان مكلفا بالواقع لكن ينقطع تكليفه به عند الغفلة لقبح تكليف الغافل لعجزه ، ولكن بما ان العجز عن اختياره يعاقب على ترك الواقع من حين الغفلة ، وان لم يكن مأمورا به في حال الغفلة.

۴۸۷۱