ولا منشأ للإشكال في الصحة الا ما تقدم من الإشكال في الاحتياط مع التمكن من العلم باعتبار عدم تحقق قصد الإطاعة مع التردد. وهذا ما أشار إليه الشيخ رحمهالله هاهنا وبنى عليه المحقق النائيني رحمهالله بإصرار (١).
وقد تقدم منّا تحقيق هذه الجهة ، واختيار صحة الإتيان بمحتمل الأمر مع التمكن من تحصيل العلم ، فلا نعيد.
وعليه ، فإذا كانت العبادة التي جاء بها قبل الفحص بقصد احتمال الأمر ـ بالنحو الّذي قربناه ـ مطابقة للواقع كانت صحيحة ، وإن كانت غير مطابقة كانت باطلة.
وقد ذكر صاحب الكفاية : ان العبادة تقع باطلة في صورة المخالفة ، بل في صورة الموافقة أيضا فيما إذا لم يتأتّ منه قصد القربة (٢).
وما أفاده قدسسره لا يمكن ان يكون إشارة إلى مذهب الشيخ والنائيني قدسسرهما ، لأنه حكم بمنعه في محله.
ولأجل ذلك حمل كلامه على مورد تكون العبادة محرمة واقعا ، فلا يصح قصد القربة لعدم صلاحية الفعل للمقربية بعد أن كان الجهل عن تقصير ، كما في بعض موارد اجتماع الأمر والنهي. فلاحظ.
ثم ان الاعلام قدسسرهم تعرضوا في هذا المقام إلى فرع فقهي وهو : مسألة ما إذا أتم في موضع القصر عن جهل بالحكم ، وما إذا جهر في موضع الإخفات أو أخفت في موضع الجهر ، فانه يلتزم بصحة صلاة الجاهل في هذه المقامات ، وفي الوقت نفسه يلتزم بعدم معذوريته من العقاب إذا كان جهله عن تقصير.
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٣ ـ ٧٢ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٧٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.