وأخرى لا تكون المقدمات حاصلة ، فتحصيل العلم يحتاج إلى تحصيلها والفحص عنها.

ففي الصورة الأولى يجب النّظر ولا يجوز الاقتحام في الشبهة وجوبية كانت أو تحريمية إلاّ بعد النّظر لعدم صدق الفحص على مجرد النّظر وانما يصدق على تمهيد مقدمات العلم وتحصيلها.

وعليه ، فإذا كان العلم بطلوع الفجر لا يتوقف على أزيد من رفع الرّأس والنّظر إلى الأفق فلا يجوز الأكل اعتمادا على استصحاب الليل كما انه لا يجوز شرب المائع المردد بين الخمر والخل إذا كان يتوقف العلم به على مجرد النّظر إلى الإناء.

نعم يستثنى من ذلك باب الحكم بالطهارة ، لظهور الأدلة في البناء على عدم الفحص بأي نحو كان بل ظاهر بعض الأدلة جواز ارتكاب ما يوجب التشكيك في التنجس ، كترطيب البدن حتى يحتمل إذا وجد على بدنه رطوبة ان تكون من الماء لا من البول. ونحو ذلك (١).

أقول : الّذي يبدو من هذا البيان الّذي نقلناه عن تقريرات الكاظمي هو التفرقة بين ما إذا كان الفحص لا مئونة فيه أصلا وبين ما فيه مئونة ومشقة ، فلو توقّف العلم بالفجر على مجرد النّظر إلى الأفق وجب الفحص ، أما لو توقّف على الصعود من السرداب العميق إلى السطح للنظر فلا يجب.

ولكن يستبعد جدا ان يكون مراده قدس‌سره ذلك فانه تفصيل بلا وجه ظاهر. بل القريب ان يكون نظره إلى التفصيل بين ما كان الموضوع بحسب وعائه المناسب له واضحا وجودا أو عدما ، بحيث يتضح لكلّ أحد إذا طلبه في وعائه المناسب له كالفجر في الأفق الصافي الّذي لا علة فيه ، وكرؤية الهلال

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٣٠٢ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۴۸۷۱