عن عدم أخذهم الداعي المقرب في المأمور به.

الثاني : ان أساس ما أفاده قدس‌سره على اعتبار قصد الطاعة بنحو الداعي في العبادة ، وهو مما لا ملزم به ، لعدم تقوّم مفهوم الإطاعة بذلك ، بل الإطاعة تتحقق بالإتيان بالمأمور به عن قصد واختيار. وهو كما يتحقق مع العلم بالأمر كذلك يتحقق مع احتماله والإتيان بالعمل الموافق على تقدير ثبوت الأمر.

فانه مع احتمال تحقق المسبب عند حصول السبب إذا التفت الفاعل إلى هذه الجهة وصدر منه السبب يكون وقوع المسبب اختياريا ، نظير ما إذا رمى زيدا بسهم وهو يحتمل انه يصيبه ، فان اصابته تكون قصدية ـ على تقدير تحققها ـ ويترتب عليها آثار العمل الاختياري.

ففيما نحن فيه مع احتمال ترتب الموافقة على العمل لأجل احتمال الأمر ، إذا جاء المكلف بالعمل قاصدا للموافقة على تقدير الأمر ، فصادف تحقق الأمر ، كانت الموافقة اختيارية فيتحقق ما هو المعتبر في المأمور به ـ وهو الإطاعة ـ اختيارا.

وفيه : انه ليس المعتبر تحقق الإطاعة عن قصد واختيار فقط ، بل المعتبر تحقق الإطاعة بنحو تكون داعيا للعمل ليتحقق التقرب ، لوضوح بطلان العمل مع الموافقة الاختيارية بداع دنيوي كالرياء مثلا ، وهو ثابت بالضرورة. فيكشف عن اعتبار الإطاعة بنحو الداعي.

وقد عرفت عدم صلاحيتها للدعوة إلا في مورد العلم بالأمر.

الثالث : ما أفاده المحقق الأصفهاني رحمه‌الله من ان الإتيان بالعمل بداعي الأمر المحتمل يوجب التقرب ، لأنه انقياد ، بل حسنه أكثر من حسن الانقياد للأمر المعلوم. بنظر العرف والعقلاء (١).

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٣٠٥ ـ الطبعة الأولى.

۴۸۷۱