عن كل فرد فرد من افراد العالم ، بل المقصود بيان نفي العدالة عن عموم الافراد وبيان انها ليست ثابتة لكل فرد فرد.

وعليه ، فالمراد في قوله : « ما لا يدرك كله » عدم إدراك عموم الافراد أو الاجزاء بنحو سلب العموم. وهكذا المراد بقوله : « لا يترك كله » يراد به النهي عن الترك بنحو سلب العموم الراجع بحسب الظهور العرفي إلى النهي عن الجمع بين التروك ، فلفظ : « لا » متعلق بالترك بنحو سلب العموم لا عموم السلب.

ومثل هذا الاستعمال كثير عرفا ، ويراد به ما ذكرناه من انه إذا لم يدرك المكلف إتيان جميع الافراد والاجزاء فلا يترك الجميع بنحو لا يأتي بأي فرد أصلا.

وقد عرفت ان أساس ذلك على توجه النفي إلى ترك الجميع ، ونفي ترك الجميع يتحقق بالإتيان بالبعض. فالتفت ولا تغفل (١).

وكيف كان فقد عرفت دلالة النص على المدعى بحسب الظهور العرفي.

وقد استشكل فيه صاحب الكفاية : بأنه لا ظهور له في حرمة الترك لعموم الموصول للمستحبات ، وتخصيص الموصول بالواجبات ليس بأولى من حمل النهي على الكراهة أو مطلق الطلب (٢).

وقد تعرض الشيخ رحمه‌الله إلى هذا الإشكال ، ودفعه : بان الموصول في نفسه يشمل المباحات بل المحرمات ، وانما خصصناه بالراجح بقرينة قوله : « لا يترك » ، فإذا كان قوله : « لا يترك » قرينة على المراد بالموصول لزم حمل الموصول على خصوص الواجبات عملا بظهور القرينة ، ولا مجال لتخيل تقدم ظهور

__________________

(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ـ ٣ ـ ٤٥٧ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٧٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۸۷۱