الأصل المؤمّن فيما عدا ما قام عليه المنجز من علم أو أمارة ـ بهذا العنوان أعني : عنوان غير ما قامت عليه الأمارة مثلا ـ ، إذ يشك في ثبوت التكليف في غيره ، فإذا نفي التكليف بالأصل كان هذا الأصل ناظرا إلى التأمين من جهة العلم الإجمالي وموجبا لانحلاله.
وقد تقدم انه لا مانع من جريان الأصل إذا كان ناظرا إلى العلم الإجمالي. وانما التزمنا بوجوب الموافقة القطعية باعتبار قصور مقام الإثبات ، فراجع تعرف ، وبالوجه الّذي ذكرناه صححنا جعل البدل وأرجعناه إليه.
ولكن تقدم ان الوجه المذكور نلتزم به فعلا في مورد قيام العلم أو الأمارة أو الأصل الشرعي المثبت في أحد الأطراف.
أما موارد ثبوت قاعدة الاشتغال في أحد الأطراف ، أو كون أحد الطرفين طرفا لعلم إجمالي آخر ، كما فيما نحن فيه ، فقد أوكلناه إلى محل آخر ، ونحن الآن لا نريد تحقيق ذلك ، بل نقصر الكلام على المورد الّذي نحن فيه مما كان العلم الإجمالي ناشئا من العلم الإجمالي السابق ومتفرعا عليه. فنقول : إن الوجه المتقدم يتأتى فيما نحن فيه بوضوح لأنا نقول : نحن نعلم إجمالا بثبوت التكليف بين الملاقى وطرفه ، ونشك في ثبوت تكليف زائد على ذلك التكليف ، فننفيه بأصالة البراءة ، فيتصرف في موضوع العلم الإجمالي القائم بين الملاقي والطرف الآخر ويكون مؤمنا منه لأنه ينظر إليه. ولا يمكن دعوى العكس ، بان يقال : انا نعلم بثبوت التكليف بين الملاقي وطرفه ، ونشك في ثبوت تكليف زائد عليه فينفى بأصالة البراءة ، ونتيجته التأمين من الملاقى.
لتفرع نجاسة الملاقي على نجاسة الملاقى فمع قطع النّظر عن الملاقى لا علم بالتكليف في الملاقي ، فكيف يقال : إنا نعلم بالتكليف بين الملاقي والطرف الآخر ونشك في الزائد عليه وننفيه بالأصل؟. فلاحظ.
ثم إن صاحب الكفاية فصّل بين صور الملاقاة من حيث الحكم بلزوم