ويندفع هذا الوجه : بان الملاقاة ليست دخيلة في أصل ثبوت الحكم بوجوب الاجتناب ، وإنما هي دخيلة في حدوث مرتبة من مراتب الاجتناب المتعلق للحكم ، فيثبت لها الحكم السابق الثابت في حد نفسه بنحو العموم والاستغراق لجميع المراتب ، بمعنى : ان وجوب الاجتناب ثابت لكل مرتبة من مراتب اجتناب النجس مطلقا ، فإذا حدثت مرتبة لم تكن موجودة سابقا تعلق بها الحكم الثابت ، لا أنه يثبت لها حكم جديد مستقل.
وعليه ، فان وجوب الاجتناب وإن لم يتعلق بالملاقي قبل تحقق الملاقاة ، لكن تحقق الملاقاة ليس دخيلا في موضوع الحكم بوجوب الاجتناب ، وانما هو دخيل في تحقق مرتبة من مراتب متعلق الحكم الثابت ، فيتعلق بها الحكم ، نظير ما إذا استخدم العالم خادما جديدا ، فانه يثبت وجوب إكرامه بنفس وجوب إكرام العالم الفعلي الثابت من السابق ، فحدوث مرتبة من مراتب المتعلق انما توجب سعة دائرة الحكم وازدياد انبساطه ، ولا توجب ثبوت حكم جديد.
واما ظهور الدليل الدال على الحكم في كونه حكما مستقلا جديدا ، فهو ليس بأزيد من ظهور كل أمر في التأسيس الّذي يرفع اليد عنه ويحمل على الإرشاد إلى غيره ببعض القرائن. وما نحن فيه من هذا الباب. فانه إذا ثبت كون الاجتناب عن الملاقي من شئون الاجتناب عن النجس ، كان الأمر بالاجتناب عنه ـ أي عن الملاقي ـ محمولا عرفا على الإرشاد ، وإن كان في حد نفسه ظاهرا في التأسيس. فلاحظ.
ثم أنه قد يشكل الالتزام بهذا المعنى : بان لازمه لزوم الاجتناب عن مشكوك الملاقاة لقاعدة الاشتغال بحكم النجس نفسه.
ويندفع : بان مقتضى أصالة عدم الملاقاة هو نفي تحقق الملاقاة ، فلا مجال لقاعدة الاشتغال حينئذ فالتفت.
والّذي يتحصل : ان جميع هذه الإيرادات لا تصلح لردّ هذا الالتزام الّذي