أو مقارنته لبعض أفعال الصلاة مطلقا أو لما لا يمكن تداركه منها كالأركان وعدمها ، أو مقارنته لأول انعقاد الصلاة وعدمها ، فيبطل الأول دون الثاني في الاحتمالات الثلاث وإن احتمل الأولين منها بعضهم ، وكأنه لما ضاق به الخناق وأراد الجمع بين اشتراط الاستقبال والحكم بعدم قادحية الالتفات بالوجه ارتكب ما سمعت.

وفيه أنه لا ريب في عدم قابلية النصوص والفتاوى للجمع المزبور ، ضرورة عدم الشاهد على مدخلية الطول والقصر في ذلك ، إذ ليس هو بناء على اعتبار الاستقبال به بحيث ينافيه الالتفات إلا كالاستقبال بالكل والالتفات به الذي لا يتفاوت فيه بين الطول والقصر قطعا ، اللهم إلا أن يقال : إن الإبطال به مع الطول لا من حيث الالتفات الذي هو المانع بل لفوات الشرط الذي هو الاستقبال ، إذ الالتفات كما أنه يعتبر فيه سبق غير الحال الذي التفت عنه يعتبر فيه أيضا الانقطاع بسرعة على الظاهر ، فالفرض حينئذ ليس من الالتفات حتى يكون مكروها ، بل هو حال آخر فات شرط الاستقبال فيه ، لكنه كما ترى ، وكذا لا مدخلية لمقارنة الأفعال وعدمها ، لأنه على التقدير المزبور شرط للصلاة لا لأفعالها خاصة كالطمأنينة مثلا ، بل هو مثل الطهارة والستر ونحوهما مما يعتبر حصوله ما دام المكلف في الصلاة حال الفعل أولا ، ومن الواضح أنه لا زمان متخلل بحيث يكون فيه ليس في صلاة وإن تلبس ببعض الأفعال الخارجة عنها ، إلا أن وصف كونه في صلاة لاحق له ، وإلا لم يكن تحريمها التكبير وتحليلها التسليم وستسمع إن شاء الله زيادة توضيح له ، والثالث وإن كان هو أولى من السابقين - ومرجعه إلى شرطية الاستقبال به ابتداء لا استدامة بحيث ينافيه الفرض - مساعدة الأدلة عليه والفتاوى لا تخلو من صعوبة ، فالأولى حينئذ ما ذكرنا من عدم منافاة هذا الالتفات للمعتبر من الاستقبال بالوجه وتوليته ، والله أعلم.

۴۸۶۱