لدلالتها على وجوب الغسل مع الصفرة من غير تقييده بالمرة الواحدة أو بثلاث مرات ولا بشي‌ء من أقسام الاستحاضة ، والنسبة بينهما عموم من وجه ، وذلك لأن صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج وإن كانت مطلقة إلاّ أنه لا بدّ من إخراج المستحاضة القليلة عن إطلاقها للقرينة المتقدمة من أن الصفرة لا يحتمل أن يكون حكمها أشدّ من الأحمر ، وقد تقدم أن الاستحاضة القليلة في الدم الأحمر لم تكن موجبة للاغتسال فكيف بالاستحاضة القليلة في الدم الأصفر.

فالصحيحة تختص بالاستحاضة الكثيرة والمتوسطة ، كما أن الأخبار الدالة على الوضوء مختصة بالمتوسطة والقليلة ، فالاستحاضة المتوسطة بالأصفر مورد للتعارض بين الروايتين ، فالصحيحة تدل على وجوب الغسل فيها ، والطائفة الثانية تدل على وجوب الوضوء فيها.

فإن أمكننا الجمع بينهما بالأخذ بكلتا الطائفتين فنأخذ بهما ونحكم بأن في المتوسطة الأصفر يجب الغسل والوضوء كما هو مسلك المشهور ، وتكون النتيجة بعد الجمع بين الأخبار وجوب الأغسال الثلاثة في الاستحاضة الكثيرة ، ووجوب الغسل الواحد والوضوء في المتوسطة ، ووجوب الوضوء خاصة في القليلة.

وإن لم يمكننا الجمع بينهما نظراً إلى أن الصحيحة تدل على جواز الاقتصار على الغسل في صحة الصلاة وإن لم تتوضأ ، والطائفة الثانية تدل على جواز الاقتصار على الوضوء فحسب وإن لم تغتسل ، فلا يمكن الجمع بينهما فلا مناص من الحكم بتساقطهما ، لأن تعارضهما بالإطلاق ، وبعد التساقط نرجع إلى صحيحة معاوية بن عمار وصحيحة زرارة المتقدمتين ، لأنهما الأصل في الاستحاضة ، وقد عرفت دلالتهما على أن العبرة في الاستحاضة بكمية الدم لا بكيفيته من الحمرة والصفرة ، فإنه إذا ثقب الكرسف مع التجاوز أي كان كثيراً أحمر كان أو أصفر ففيها الأغسال الثلاثة ، وإذا ثقب من غير تجاوز الكرسف ففيها غسل واحد ، وإذا لم يثقب ولم يتجاوز ففيها وضوء واحد ، فإن الروايتين لا معارض لهما بعد تساقط الطائفتين المتقدمتين بالتعارض.

۴۲۴