ولا يمكن المساعدة على ما أفاده بوجه ، وذلك لضعف الرواية التي جعلها شاهد جمع بين الطائفتين بإرسالها ، فتبقى الطائفتان على تعارضهما.

والصحيح أن يقال : إن الطائفتين وإن كانتا متعارضتين بالتباين كما مر ، إلاّ أن الطائفة الدالة على وجوب الاغتسال مع الصفرة لا بدّ من حملها على ما إذا كانت الاستحاضة أي الدم الأصفر كثيرة بحسب الاصطلاح بأن ثقبت الكرسف وتجاوزت عنه ، فإنها لو كانت قليلة أي غير ثاقبة أصلاً لا يحتمل كونها موجبة للأغسال الثلاثة ، لأنّ الصفرة لا تزيد على الدم الأحمر ، والدم الأحمر غير الثاقب أعني الاستحاضة القليلة لا توجب الأغسال الثلاثة فكيف توجبها الصفرة.

وكذلك الحال في الدم الأصفر المتوسطة بحسب الاصطلاح على مسلك صاحب الكفاية ، لأنها على مسلكه لو كان أحمر لم تكن موجبة للأغسال الثلاثة فكيف تكون الاستحاضة مع الصفرة موجبة للأغسال الثلاثة.

فهذه القرينة الخارجية أعني العلم بعدم كون الأصفر أشد من الدم الأحمر بحسب الحكم توجب اختصاص الأخبار الآمرة بالأغسال الثلاثة على الاستحاضة الكثيرة ، أي الصفرة فيما إذا كانت كثيرة بحسب الاصطلاح ، ومعه تنقلب النسبة من التباين إلى العموم المطلق.

فالطائفة الثانية تدل على وجوب الوضوء مع الصفرة في جميع الأقسام الثلاثة المتقدمة ، والطائفة الاولى تدل على وجوب الغسل في الدم الأصفر الكثير ، ومعه فالقاعدة تقتضي تخصيص الأُولى بالثانية والحكم في المستحاضة الكثيرة عند الصفرة بوجوب الأغسال الثلاثة ، وأمّا في المتوسطة والقليلة فيجب فيهما الوضوء.

إلاّ أن تلك الطائفة الآمرة بالوضوء في المتوسطة والقليلة معارضة بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، قال « سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن امرأة نفست فمكثت ثلاثين يوماً أو أكثر ، ثم طهرت وصلّت ، ثم رأت دماً أو صفرة ، قال : إن كانت صفرة فلتغتسل ولتصل ولا تمسك عن الصلاة » (١).

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٣٩٣ / أبواب النفاس ب ٥ ح ٢.

۴۲۴