هذا كلّه في الدم الأحمر ، وبقي الكلام في الدم الأصفر.

الكلام في الدم الأصفر

وقد ذكر أن دم الاستحاضة إذا كان أصفر فإن كان كثيراً عرفاً بأن سال عن الكرسف فيجب معه الأغسال الثلاثة ، وإذا كان قليلاً عرفاً بأن لم يثقب الكرسف أو تجاوز عنه ولم يسل فيجب فيها الوضوء ، فلا قسم ثالث بينهما.

فهو قدس‌سره وإن التزم بوجوب الأغسال الثلاثة في مورد ، ووجوب غسل واحد في مورد آخر ، ووجوب الوضوء في مورد ثالث ، إلاّ أنه على ترتيب آخر غير الترتيب الذي سلكه المشهور ، لأنه التزم بوجوب الأغسال الثلاثة فيما إذا تجاوز الدم عن الكرسف وفيما إذا كان الدم أحمر ، وإذا سال وعدّ كثيراً عرفاً فيما إذا كان صفرة وبوجوب غسل واحد في خصوص الدم الأحمر غير المتجاوز عن الكرسف ثقب أم لم يثقب ، وبوجوب الوضوء في الدم الأصفر القليل عرفاً.

واستدل على ما ذهب إليه بما ورد في جملة من الروايات من أن المرأة إذا رأت الدم الأصفر وجب عليها الأغسال الثلاثة ، وما ورد من أنها إذا رأت صفرة تتوضأ وتصلِّي كما نقلناهما سابقاً (١).

فإنهما متعارضان بالتباين لدلالة إحداهما على وجوب الأغسال الثلاثة مع الصفرة مطلقاً ودلالة الأُخرى على وجوب الوضوء معها مطلقاً ، إلاّ أن هناك شاهد جمع ، وهو ما رواه محمد بن مسلم « في الحامل قد استبان حبلها ترى ما ترى الحائض من الدم ، قال : تلك الهراقة من الدم ، إن كان دماً أحمر كثيراً فلا تصلِّي ، وإن كان قليلاً أصفر فليس عليها إلاّ الوضوء » (٢).

حيث يدل على أنّ الوضوء في الدم الأصفر إنما يجب فيما إذا كان قليلاً ، وأمّا إذا كان كثيراً فمقتضى الطائفة الاولى أن يحكم فيه بوجوب الاغتسال ، هذا.

__________________

(١) تقدّم ذكر جميعها في نفس المسألة : الصفحة ٣٠.

(٢) تقدمت في الصفحة ٣١.

۴۲۴