أنهما متعارضتان بالتباين وهناك شاهد جمع بينهما ، أعني ما رواه محمد بن مسلم حيث دلّت على وجوب الوضوء مع كون الدم قليلاً أصفر.

ولكن يرد عليه أن ما أقامه شاهداً للجمع بين الطائفتين ضعيف السند لإرساله.

إعادة وتتميم

ذكرنا أن المحقق الخراساني قدس‌سره خالف المشهور في المقام ، وذهب إلى التفصيل في دم الاستحاضة بين الأحمر والأصفر ، وذكر أن الدم الأحمر يدور أمره بين وجوب الأغسال الثلاثة فيما إذا تجاوز الدم عن الكرسف ، ووجوب غسل واحد فيما إذا ثقب الدم الكرسف من غير أن يتجاوز ، واستدل عليه بموثقة سماعة المتقدمة بالتقريب السابق.

وأمّا الدم الأصفر فقد ذكر أنه إذا كان كثيراً عرفياً لا بحسب الاصطلاح الذي هو بمعنى تجاوز الدم عن الكرسف وجب فيه الغسل ، وإذا كان قليلاً عرفاً وجب فيه الوضوء ، وذكر أنه على ذلك تكون الاستحاضة المتوسطة المصطلحة داخلة في الاستحاضة القليلة عنده ، لأن كون الدم بحيث يوجب الثقب فحسب لا يعد دماً كثيراً عرفاً ، بل هو من الدم القليل فيجب فيه الوضوء ، بل بعض أقسام الاستحاضة الكثيرة يدخل في القليلة عنده ، كما إذا ثقب الكرسف وتجاوز عنه بشي‌ء يسير ، فإن مثله لا يعد كثيراً عرفاً بل هو قليل فيجب فيه الوضوء ، إلاّ أن يكون سائلاً على وجه يعد كثيراً عرفاً ، هذا.

وقد قدمنا أن ما أفاده في الدم الأحمر غير تام ، لصحيحة معاوية بن عمّار الدالة بصراحتها على أن المدار في اختلاف أحكام المستحاضة إنما هو الثقب وعدمه ، وأن الدم الثاقب يجب معه الأغسال الثلاثة وغير الثاقب يجب معه الوضوء ، بمعنى أن الدم الذي يجب معه الغسل إذا كان ثاقباً هو الذي يجب معه الوضوء إذا كان غير ثاقب وعليه فلا عبرة بحمرة الدم وصفرته ، بل المدار إنما هو بثقب الدم وعدم ثقبه.

ولمّا كانت الصحيحة مطلقة من حيث دلالتها على وجوب الأغسال الثلاثة مع‌

۴۲۴