فعليها الغسل لكل صلاتين وللفجر غسل ، وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرّة والوضوء لكل صلاة ... » (١) فإنها صريحة فيما ذكرناه حيث عبرت بتجاوز الدم وبعدم تجاوزه ، والراوي عن سماعة في كلتا الروايتين شخص واحد وهو عثمان بن عيسى ، والوجه في الاستدلال بها أن من البعيد أن تكون هذه الرواية متضمنة لمطلب آخر غير الرواية ، بل الظاهر أنهما متكفلتان لمطلب واحد عبر في إحداهما بتعبير وفي الأُخرى بتعبير آخر.

الثالث : هب أنّا سلمنا أن الجملة الثانية مفهوم للجملة السابقة إلاّ أن الالتزام بمدلولها وأن الدم الثاقب مطلقاً يجب معه الأغسال الثلاثة تجاوز أم لم يتجاوز ، وغير الثاقب يجب معه غسل واحد ، إنما هو فيما إذا كانت الرواية منحصرة بالموثقة.

وليس الأمر كذلك لما عرفت من الصحيحتين ، فلا بد من التصرف في الموثقة بقرينتهما وحمل الثاقب على المتجاوز بتقييد إطلاقها ، والحكم في الثاقب غير المتجاوز بالغسل الواحد وفي غير الثاقب أصلاً بوجوب الوضوء بمقتضى صريح الصحيحتين لأنّ التجاوز في مثلهما ليس بمجمل ، وإنما يراد به التجاوز عن الكرسف ولا يحتمل أن يراد به الثقب.

فتدلنا الصحيحتان وغيرهما من الأخبار على أن الدم مع الثقب والتجاوز يجب فيه الأغسال الثلاثة ، ومع الثقب غير المتجاوز يجب غسل واحد ، ومعه تكون هاتان الروايتان قرينة على أن المتعين في الموثقة أن يتصرف في الثقب بحمله على التجاوز ، لا أن يتصرف في التجاوز بحمله على الثقب.

هذا كله في الدم الأحمر.

المقام الثاني : في الدم الأصفر ، وقد عرفت أنه قدس‌سره فصّل فيه بين الكثير العرفي وأوجب فيه الغسل ، وبين القليل العرفي وحكم فيه بوجوب الوضوء ، وقال إنه لا ثالث لهما في البين ، واستدل عليه بالطائفة الدالة على أن المستحاضة إذا رأت صفرة تتوضأ وتصلِّي ، وبما دلّ على أن المستحاضة إذا رأت صفرة تغتسل وتصلِّي ، بدعوى‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ١٧٣ / أبواب الجنابة ب ١ ح ٣.

۴۲۴