على الجواز ، وقد اشتمل بعضها على هذا التعليل أو التعليل بأن ذلك ممّا يكرهه أهل الزوجة ، فان ذلك تعليل بالأمر الخارجي ولا تدل على عدم الجواز شرعاً ، بل يستفاد منها الجواز ، وإنّما المنع من جهة أمر آخر ليس راجعاً إلى الشرع ، كيف وقد ورد في بعضها أنّ الزوج أحق بزوجته حتّى يضعها في قبرها ، ومع التصريح بالجواز لا بدّ من حمل الصحيحة على التقيّة ، أو تحمل الصحيحة على الأفضلية جمعاً بينها وبين صحيحة الحلبي.

ومنها : الأخبار الواردة في أن فاطمة عليها‌السلام غسّلها عليّ عليه‌السلام لأنّها كانت صدّيقة والصدّيقة لا يغسلها إلاّ صدّيق (١).

وفيها ما رواه مفضل بن عمر : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام من غسّل فاطمة عليها‌السلام؟ قال : ذاك أمير المؤمنين عليه‌السلام فكأنما استضقت ( استفظعت ) ذلك من قوله ، فقال لي : كأنّك ضقت ممّا أخبرتك به؟ فقلت : قد كان ذلك جعلت فداك ، فقال : لا تضيقنّ فإنّها صدّيقة لم يكن يغسلها إلاّ صدّيق ... » (٢). لدلالتها على أنّ الرجل لا يجوز له أن يغسل زوجته إلاّ في مقام الضرورة وعدم المماثل ، حيث استعظم الراوي تغسيل الإمام عليه‌السلام لفاطمة عليها‌السلام وهو كاشف عن عدم جواز تغسيل الرجل زوجته ، وأجابه عليه‌السلام بأن ذلك لكونها صديقة وحيث لم توجد في النِّساء صدِّيقة فغسّلها أمير المؤمنين عليه‌السلام لأنّه صدّيق.

ولا يخفى أن تلك الروايات لا دلالة لها على كراهة تغسيل الزوج زوجته فضلاً عن الحرمة ، وذلك لأنّ الراوي لم يستعظم ذلك من جهة علمه بحرمته ، وذلك لأن أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يكن يرتكب أمراً غير مشروع ، وإنّما كان مستنداً إلى عظمة مقامه وعدم مناسبته له ، لأنّه عليه‌السلام لم يكن غسّل إلى ذلك الزمان سوى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتغسيل الأموات ولا سيما المرأة لم يكن مناسباً‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٥٣٠ ٥٣٤ / أبواب غسل الميِّت ب ٢٤ ح ٦ ، ١٥ ، ١٦ ، ١٧ وغيرها.

(٢) الوسائل ٢ : ٥٣٠ / أبواب غسل الميِّت ب ٢٤ ح ٦.

۴۲۴