حيضاً أيضاً فقد قدمنا الكلام عليه في بحث الحيض فلا نعيد فهل مقتضى الأصل العملي أو الدليل الاجتهادي الحكم بكونه استحاضة أو أن مقتضاهما أمر آخر؟ فله صورتان :

الصورة الأُولى : ما إذا شك في أنه دم حيض أو استحاضة ، وقد تكلمنا في هذا مفصلاً في بحث الحيض (١) وقلنا إن المستفاد من الأخبار أنه لا بدّ من الرجوع إلى الأمارات والصفات ، فإن كان الدم واجداً لصفات الحيض وشروطه ، بأن كان الدم في أيام العادة أو غيرها وكان أحمر واستمر ثلاثة أيام إلى ما لا يزيد على عشرة أيام وقد تخلل بينه وبين الحيض السابق أقل الطهر فهو حيض.

وأمّا إذا لم يكن واجداً لصفات الحيض المذكورة ، أي لم يمكن أن يكون حيضاً بالإمكان القياسي وبالنظر إلى الشروط والصفات فهو ليس بحيض ، والحكم بعدم كونه حيضاً ملازم واقعاً لكونه دم استحاضة لما مر هناك.

ويكفي في الحكم بالاستحاضة حينئذ ما ذكرناه هناك أيضاً من التمسك بإطلاق ما دلّ على وجوب الصلوات الخمسة وغيرها من الواجبات على كل مكلف ، فإن الخارج من تلك المطلقات هو المرأة الحائض أعني ما إذا علمنا بأن الدم حيض ، وأمّا إذا شككنا في ذلك فمقتضى الإطلاقات وجوب الصلاة والصيام وغيرها على المرأة.

نعم ، لا بدّ حينئذ من أن تغتسل ، إذ لو صلّت ولم تغتسل لعلمنا ببطلان صلاتها على كل تقدير ، وذلك لأنها إما كانت حائضاً أو مستحاضة ، والاغتسال واجب على كلتا الصورتين ، ومع تركه يقطع ببطلان صلاتها كما مر في محلِّه ، وإنما ذكرناه في المقام للإشارة والتنبيه.

الصورة الثانية : ما إذا علمنا بعدم كون الدم حيضاً ولكن شك في أنه دم استحاضة أو دم قرح أو غيرهما. ولهذه الصورة أيضاً صورتان :

إحداهما : ما إذا لم يعلم وجود السبب لمثل دم القرح أو الجرح ، ولكن المرأة‌

__________________

(١) في شرح العروة ٧ : ٩٣.

۴۲۴