ومع عدمه لا بأس بالتعويل عليها (١)
إلى الحس كما لو قامت البينة أو أخبر العادل أو الثقة بأن الجدي في الموضع الفلاني بحيث يقطع معه بجهة القبلة قطعاً لا يقل عن الحس ، دون ما إذا استند إلى المبادئ الحدسية من الأمارات الظنية ونحوها ، لقصور دليل الحجية عن الشمول لهذه الصورة كما تقرر في محله.
ودعوى أن المقام من الموارد التي لا سبيل فيها لغير الحدس والاجتهاد كما في إخبار المقوّم والطبيب ومن شاكلهما ، حيث قامت السيرة العقلائية الممضاة شرعاً بعدم الردع على حجية قولهم من باب كونهم من أهل الخبرة لا من باب حجية البينة ، مدفوعة بإمكان إحراز القبلة بالحس حسب القواعد المقررة لتشخيصها على سبيل القطع والبت حسبما عرفت.
وعلى الجملة : عند قيام الأمارة المعتبرة وهي المستندة إلى الحس من شهادة العدلين أو العدل الواحد أو مطلق الثقة يعوّل عليها سواء أفادت الظن الشخصي أم لا ، بل وإن كان الظن الشخصي على خلافها ، فإنها بعد شمول دليل الحجية علم تعبدي ، وهو بمثابة العلم الوجداني في مناط الاعتبار ، من غير فرق في ذلك بين المتمكن من تحصيل العلم الوجداني وعدمه كما في سائر المقامات ، لإطلاق دليل الحجية وعدم اشتراطه بالعجز عن تحصيل العلم ، بل هما في عرض واحد.
وأما إذا كانت الأمارة غير معتبرة وهي المستندة إلى الحدس فلا يعوّل عليها حتى مع العجز عن تحصيل العلم ، إلا إذا أفادت الظن فتكون حجة حينئذ من باب التحري ، لحجية الظن في باب القبلة بالخصوص.
(١) بل قد عرفت عدم البأس حتى مع إمكان تحصيل العلم فيما إذا كانت الشهادة مستندة إلى الحس ، نعم في المستندة إلى الحدس لا اعتبار بها إلا من باب التحري المنوط بالعجز عن تحصيل العلم ، لكن صدق التحري موقوف