وبالجملة : فتأخر العلم التفصيليّ لا يجدي بعد كون المعلوم سابقا ، لأن العلم طريقي لا موضوعي.
هذا محصل ما أفاده قدسسره في المقام (١).
ولكنه مما لا يمكن الالتزام به. بيان ذلك : ان مراده من الحكم الفعلي ..
إن كان هو الحكم المنجز ، فهو ـ مضافا إلى انه خلاف ما يلتزم به من التفكيك بين المقامين ، وان الفعلية تثبت مع الجهل مع كون قوام التنجز بالوصول ـ خلف ، إذ الفرض ان التنجيز من قبل العلم لا سابق عليه ، فلا معنى لأن يؤخذ في منجزية العلم تعلقه بتكليف منجز.
وإن كان هو الحكم الفعلي بالمعنى الّذي يختاره في مبحث الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري ، والّذي لا ينافيه وجود الحكم الظاهري. ففيه : ان هذا الحكم لا يرتفع بالجهل ، ولا بقيام الأمارة على خلافه ، فكيف يقال : ان العلم الإجمالي ليس علما بتكليف فعلي على كل تقدير؟.
وإن كان هو الحكم الفعلي الحادث ، كان صحيحا لأن العلم الإجمالي لا يكون متعلقا بتكليف فعلي حادث على كل تقدير.
لكن فيه : انه لا يشترط في منجزية العلم تعلقه بتكليف حادث ، بل يكفى في تنجزه تعلقه بتكليف فعلي ولو كان في مرحلة بقائه.
ولذا لو تعلق علم إجمالي بحدوث حكم أو بقاء آخر ، كان منجزا بلا إشكال.
وقد يوجّه ما أفاده قدسسره : بان مراده ما يذهب إليه المحقق الأصفهاني رحمهالله في الحكم الفعلي من انه البعث الواصل إلى مرحلة الداعوية ، وإمكان الداعوية لا يكون إلا بالوصول ، فالعلم يكون دخيلا في تحقق
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي فوائد الأصول ٤ ـ ٣٦ ـ ٣٧ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.