ولكن لا يخفى عليك انه يمكن منع ما ذكره بهذا التقريب الّذي ذكرناه : بأنه انما يلزم إذا كان موضوع نفي الضرر هو الحكم الضرري المحقق ، نظير قوله : « كل خبري كاذب » في كون موضوعه الخبر المتحقق خارجا.

ولكن الأمر ليس كذلك ، إذ يمتنع ان يكون المنفي بلا ضرر هو الحكم الثابت المحقق ، إذ نفيه خلف تحققه ، لأن المراد بنفي الضرر نفي حدوثه لا نفى بقائه ، كي لا يتنافى مع فرض ثبوته.

وانما المنفي بقاعدة : « لا ضرر » هو الحكم الضرري المقدر ، بمعنى ان كل حكم إذا فرض وجوده كان ضرريا ، فهو مرتفع وغير ثابت. وإذا كان الحال كذلك لم يمتنع ان يشمل أحد افراد نفي الضرر حكما ضرريا ناشئا من فرد آخر ، ولا يلزم منه المحذور المتقدم.

وذلك لأن شموله لذلك الحكم ليس متفرعا على تحققه كي يكون نفيه مستلزما لانتفاء نفس ذلك الفرد ، فيكون الفرد محققا لموضوع ما ينفيه ، بل يكون شموله متفرعا على فرض وجوده وتقديره ، فيقال : الحرمة إذا ثبتت هاهنا تكون ضررية فتنفى بـ : « لا ضرر ». فنفيه بهذا الفرد يكون منافيا لإثباته بالفرد الأول فيتحقق التعارض بينهما ، فان الفرد الأول لعموم : « لا ضرر » يستلزم ثبوت هذا الحكم ، والفرد الآخر يستلزم نفيه ، ولا يكون الفرد الثاني من آثار الفرد الأول كي يقال ان الفرد الأول يستلزم ما ينفيه فيلزم من وجوده عدمه.

وأما ما ذكره من الوجه الفقهي لعدم شمول قاعدة نفي الضرر لعموم السلطنة ، فسيعلم ما فيه من مطاوي ما نذكره في تحقيق المختار في المسألة.

وتحقيق الحال في هذا الفرع ، هو : ان قاعدة السلطنة وجواز تصرف المالك في ملكه لا يكون مشمولا لقاعدة نفي الضرر لوجهين :

أحدهما : ان الجواز والإباحة ليس من الأحكام المستتبعة للضرر ، فلا يلزم من جعلها الضرر ، كما لا يلزم من رفعها رفع الضرر ، فعدم جعل الإباحة لا يعني

۴۸۷۱