وقد أورد عليه : بان ظاهره كون العلم الإجمالي علة تامة للتنجيز كالعلم التفصيليّ ، وأن الفرق بينهما من ناحية المعلوم. وهذا يتنافى مع ما تقدم منه في مباحث القطع من كونه مقتضيا للتنجيز وتأثيره فيه بنحو الاقتضاء لا العلية التامة.

والتحقيق : انه لا تنافي بين ما أفاده في الموردين ، بل هما يتفقان. بيان ذلك : انه قد عرفت فيما تقدم ـ في مبحث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي (١) ـ انّه يلتزم بان الحكم الواقعي ، تارة يكون فعليا تام الفعلية من جميع الجهات ، فيمتنع جعل الحكم الظاهري على خلافه. وأخرى يكون فعليا ناقص الفعلية ولو من جهة الجهل به ، وهو لا يتنافى مع الحكم الظاهري على خلافه ، وذهب إلى ان الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري يكون بالالتزام بان الحكم الواقعي فعلي ناقص الفعلية من بعض الجهات ، ولم يلتزم بأنه إنشائي لبعض المحاذير. وإذا تمت هذه المقدمة ، فبما أن العلم التفصيليّ لا مجال للحكم الظاهري معه لأخذ الجهل فيه ولا جهل مع العلم التفصيليّ ، كان العلم منجزا لأنه يتعلق بحكم فعلي تام الفعلية بمقتضى دليله.

أما العلم الإجمالي ، فحيث ان كل طرف منه مجهول الحكم ، فللحكم الظاهري مجال فيه ، فإذا جرى الأصل كان كاشفا عن عدم فعلية الواقع التامة ، فلا يكون منجزا ، لأنه انما يكون منجزا إذا تعلق بحكم فعلي تام الفعلية.

ومن هنا صح ان يقول : ان العلم الإجمالي مقتض للتنجيز لا بمعنى انه لقصور فيه ، بل بمعنى ان أدلة الترخيص حيث لها مجال معه ، وهي تستلزم الكشف عن عدم فعلية الواقع المعلوم التامة ، فلا يكون منجزا إلا إذا لم يكن هناك ترخيص. فهو مقتض للتنجيز بمعنى انه مؤثر فيه لو لم يمنع مانع من فعلية

__________________

(١) راجع ٤ ـ ١٤٣ من هذا الكتاب.

۴۸۷۱