هنا حاكم ومحكوم. أو فقل : إن كلا منهما في نفسه ناظر إلى الدليل الآخر ، فيتحقق التحاكم المستلزم للتعارض.

هذا ملخص ما أفاده قدس‌سره في هذا المقام. وهو بجميع جهاته قابل للمنع.

ولنبدأ بمناقشته للشيخ رحمه‌الله ، فنقول :

أما ما ذكره من ان الحرج المنفي في دليله لا يشمل الحرج الطارئ على الجوانح ، فهو دعوى لا نعرف لها دليلا واضحا ، ومقتضى إطلاق لفظ الحرج في دليل نفيه إرادة الأعم من الحرج الطارئ على الجوارح والحرج الطارئ على الجوانح ، فكل ما يطلق عليه لفظ الحرج كان منفيا. ولا وجه لدعوى عدم صدق مفهوم الحرج على الحرج الجوانحي. فلاحظ.

وأما ما ذكره في مناقشة دعوى الحكومة من الوجهين :

فالوجه الأول ، يندفع : بان مفروض كلام الشيخ رحمه‌الله كون المورد من موارد تعارض الضررين ، بحيث فرض المورد من موارد جريان : « لا ضرر » في حكمين فيتحقق التعارض ، وجعل : « لا حرج » جارية بمكان : « لا ضرر ». وهذا يعني فرض كلا الحكمين وجوديين.

وحل المشكلة ، ان مجرى لا حرج ليس هو عدم السلطنة ، بل منع المالك من التصرف في ملكه. وبعبارة أخرى : حرمة التصرف المؤدى إلى ضرر الجار ، وهو حكم وجودي لا عدمي.

وأما الوجه الثاني : فلأن كلا من دليل نفي الضرر ودليل نفي الحرج وان كان دليلا موضوعه العنوان الثانوي ومقتضى ذلك كونهما في عرض واحد ، لكن نقول : إن دلالة أحدهما على عموم موضوعه لمورد الآخر إذا كانت أقوى من دلالة الآخر على العموم كان عموم الأقوى هو المقدم. ويلتزم بعدم عموم الآخر ، وتكون النتيجة هي حكومة القوي دلالة.

۴۸۷۱