في جريان دليل نفي الضرر لإثبات الخيار ، فلو علم بالغبن لم يثبت الخيار.

كما انه في غير هذين الموردين سلكوا مسلكا آخر ، فجعلوا المدار على الضرر الواقعي علم به أم لم يعلم ، ولذا حكموا بأنه ليس للمالك حفر البئر في داره إذ استلزم ضرر الجار ولو لم يعلم الجار بالضرر.

ومن هنا يحير الإنسان ، ويقع الإشكال في اعتبار العلم بالضرر في مورد الوضوء ، واعتبار الجهل به في مورد البيع الغبني ، وعدم اعتبار العلم ولا الجهل في مورد ثالث. هذا ما أفاده المحقق النائيني رحمه‌الله.

ثم إنه تصدى لحل الإشكال في باب الوضوء ، وان أخذ العلم ليس من جهة كون المراد بالضرر هو الضرر المعلوم ، كي يتصادم هذا الالتزام مع الالتزام بعدم اعتبار العلم في غير مورد ، بل أخذ العلم بالضرر في مورد الوضوء منشؤه وجهان :الأول : ان قاعدة نفي الضرر قاعدة امتنانية واردة بملاك الامتنان ، فلا تجري فيما كان إجراؤها خلاف المنّة ، بان استلزم إيجاد كلفة على المكلف.

وهذا هو المانع من إجرائها في مورد الوضوء المتقدم ، لأن إجراء حديث نفي الضرر فيه يستلزم الحكم ببطلان وضوئه السابق وصلاته لو فرض أنه صلّى به ، فتجب عليه إعادة الوضوء والصلاة ، وهو إيقاع للمكلف في الكلفة ، وهو ينافى التسهيل والامتنان.

الثاني : ان حديث نفي الضرر انما يرفع الحكم إذا كان موجبا للضرر ، بحيث يكون هو الجزء الأخير للعلة التامة للضرر ، وفيما نحن فيه ليس الحكم بوجوب الوضوء كذلك ، فان الضرر لا يستند إليه ، بل منشأ الضرر هو جهل المكلف واعتقاده عدم الضرر ، ولذا لو فرض انتفاء الحكم في الواقع لوقع المكلف في الضرر لجهله بترتبه على الفعل. وبعبارة أخرى : انك قد عرفت ان الحديث يتكفل نفي الحكم بلسان نفي الضرر من باب ان نفي السبب ملازم لنفي

۴۸۷۱