عرفا ، فيكون المقصود الأصلي من الإخبار بهما إنشاء الحكم على سبيل الاستعمال الكنائي ، حتى انه يصح ذلك ولو علم المولى من نفسه انه لا يرتب الأثر من ثواب أو عقاب. إذن فيكون النص فيما نحن فيه دالا على وجوب التعلم وتنجيز الواقع به.
وتحقيق الحال في ذلك : ان الاخبار عن ترتب العقاب تارة يكون مسبوقا بأمر المولى بالفعل أو نهيه عنه. وأخرى لا يكون مسبوقا به ، بل يكون اخبارا ابتداء عن العقاب.
ففي مثل الأول : لا ظهور للكلام في الإنشاء وإرادة المدلول الالتزامي وهو جعل الحكم ، بل يكون محمولا على ظاهره من الاخبار إرشادا إلى ثبوت أمر المولى أو نهيه ، نظير ما يتصدى له الواعظ من بيان أثر العمل المحرم من العقاب والمؤاخذة ، فانه ليس بصدد إنشاء الحكم أصلا ، بل بصدد محض الاخبار عن لازم الحكم ترهيبا.
وأما في مثل الثاني : فيكون للكلام ظهور في جعل الحكم وإنشائه على سبيل الكناية على ما تقدم ، كقوله تعالى : ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ ... ﴾ (١) ، فانه ظاهر في حرمة القتل ، لعدم الوجه في ترتب العقاب سوى الحرمة.
وإذا ظهر ذلك ، فالشبهة التي يترك المكلف فيها الفحص ذات فردين : أحدهما : يكون الحكم فيه منجزا مع قطع النّظر عن وجوب التعلم كموارد العلم الإجمالي. والآخر : لا يكون منجزا في نفسه ومع قطع النّظر عن وجوب التعلم كالشبهة البدوية.
وأخبار ترتب العقاب عند ترك التعلم إن كانت ناظرة إلى النحو الأول ،
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٩٣.