عدم تأثيره في حرمة المخالفة القطعية أيضا. فتدبر.
وبالجملة : يتعين بهذين الوجهين الالتزام بالتخيير البدوي ومنع التخيير الاستمراري.
وأما ما أفاده المحقق العراقي رحمهالله من الإيراد على الوجه الأول : بأنه خلاف ما هو التحقيق من كون العلم الإجمالي بالنسبة إلى الموافقة القطعية علة تامة كالمخالفة القطعية ، مع ان البحث في الاقتضاء والعلية بالنسبة إلى الموافقة القطعية انما هو بلحاظ جريان الأصول بمناط عدم البيان ، لا بالنسبة إلى الترخيص بمناط الاضطرار وكبرى لا يطاق ، إذ لم يلتزم أحد في هذه الحال بمنجزية العلم التفصيليّ فضلا عن الإجمالي (١).
ففيه ما لا يخفى ، فانه أشبه بالمغالطة ، فانه وان كان البحث عن ذلك بلحاظ تلك الجهة غير الثابتة فيما نحن فيه لفرض الاضطرار وعدم القدرة ، لكن لا ينافي ذلك الاستشهاد بما يقال في ذلك المقام على ما نحن فيه ، لدوران الأمر بين تحصيل الموافقة القطعية لأحد العلمين وترك المخالفة القطعية للعلم الآخر. فنقول ان : مقتضى ما حرر في ذلك المقام ان الثاني أولى بنظر العقل وأهم ، فيتعين. فالتفت.
ولعل مثله ما أفاده المحقق الأصفهاني رحمهالله من : ان لدينا تكاليف متعددة في الوقائع المتعددة ، فلدينا علوم متعددة بتكاليف متعددة بتعدد الوقائع ، وكل علم انما ينجز ما هو طرفه ، والمفروض عدم قبول طرفه للتنجيز كما بيّن. وهذه العلوم المتعددة لا تستلزم علما إجماليا أو تفصيليا بتكليف آخر يتمكن من مخالفته القطعية. نعم ينتزع طبيعي العلم من العلوم المتعددة وطبيعي التكليف من التكاليف المتعددة ، وتنسب المخالفة القطعية إلى ذلك التكليف الواحد المعلوم
__________________
(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٢٩٦ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.