المفروض ان العام حجة على الحكم الشرعي مع قطع النّظر عن وجود الموضوع ، ووجود الموضوع انما هو دخيل في ترتب الأثر العملي. فمع العلم بالموضوع يكون الحجة على الحكم هو نفس العموم من الأول.
وعليه ، فمع الشك في وجود الموضوع لا يشك في قيام الحجة على الحكم كي يكون مستلزما للقطع بعدمها فيتحقق موضوع البراءة العقلية ـ كما هو الحال على الاحتمالين الأولين ـ ، بل يشك في انطباق ما قامت عليه الحجة على المورد ، ومثل ذلك لا يكون موردا للبراءة العقلية ، بل هو مورد للاشتغال تحصيلا للعلم بالفراغ عما قامت عليه الحجة ، نظير مورد العلم الإجمالي ، فان كل طرف من أطرافه مما يشك في كونه مما قامت عليه الحجة وهو العلم. ولذا لا يكون مجرى للبراءة عقلا. فلاحظ وتدبر.
وإلى روح هذا الإشكال أشار المقرر الكاظمي رحمهالله ـ وإن كنا لا نجزم بأنه ملتفت إلى خصوصيته الدقيقة ـ ، فقد ذكر في تقريب الإشكال على البراءة العقلية في الشبهة الموضوعية : بأنه ليس الشك في قيام الحجة كبرويا. بل الشك في صغرى ما قامت عليه الحجة الراجع إلى الشك في الانطباق.
ولكنه أجاب عنه بما لا يخلو عن خدش ، فانه ذكر في مقام الجواب : ان الحجية تتقوم بأمرين : العلم بالكبرى والعلم بالصغرى. وذلك لأن الحكم القابل للتنجيز هو الحكم الفعلي ، وهو متقوم بأمرين أصل الجعل ووجود الموضوع خارجا ، فبدون العلم بوجود الموضوع لا يعلم بالحكم الفعلي فلا حجة عليه. وقد تقدم منا بيان كلامه بنحو التفصيل.
وأنت خبير : بان ما أفاده لا يدفع به الإشكال ، إذ المستشكل لا يختلف معه في ان الحكم القابل للتنجيز هو الحكم الفعلي دون غيره ، وان الحكم الفعلي منوط بوجود الموضوع ـ كما هو الاحتمال الرابع ـ ، لكنه يرى ان الحجة على الحكم الفعلي في ظرفه هو نفس العموم بلا ضميمة شيء آخر ، فكان ينبغي في