ونتكلم الآن فيما أفاده المحقق النائيني رحمه‌الله من الإشكال في الاحتياط ، وما يدور حوله من كلام ونقض وإبرام.

فقد تعرض قدس‌سره أولا لبيان شبهة شبهة تحوم حول الاحتياط في العبادة ، وهي : شبهة لزوم قصد الوجه في العبادة ، ومع الإتيان بالعبادة بعنوان الاحتياط لا يتحقق قصد الوجه فيختل العمل ، فلا بد من الفحص وتحصيل العلم ليتحقق قصد الوجه لأنه يتوقف على العلم بوجه الأمر من وجوب أو استحباب. ودفعها :

أولا : بالقطع بعدم دخل قصد الوجه في تحقق الامتثال والطاعة ، بل يكفى مجرد العلم بالأمر وقصده بلا لزوم قصد وجهه من وجوب أو استحباب.

وثانيا : بأنه لا أثر لاعتبار قصد الوجه في الاخبار التي بأيدينا ، مع انها من الأمور العامة البلوى ، مع غفلة عموم الناس عن دخله في العبادية ، وليست من الأمور الارتكازية عند العموم كي يصح للشارع الاعتماد على ارتكاز العامة ، فلو كان معتبرا للزم تنبيه الشارع وتأكيده عليه ، فحيث لم يثبت ذلك أصلا كان ذلك دليلا على عدم اعتباره.

ثم ذكر : انه لو تنزل عن دعوى القطع بعدم اعتبار قصد الوجه ، فلا أقل من الشك فيه ، فتجري أصالة البراءة فيه ، لأنه مما يمكن أخذه في متعلق الأمر بنحو نتيجة التقييد ، فيكون اعتباره بيد الشارع ، فيصح إجراء البراءة فيه. خلافا للشيخ حيث التزم بالاشتغال مع الشك بدعوى انه ليس من قيود متعلق الأمر (١).

ودعوى احتمال دخل قصد الوجه في حصول الطاعة عقلا ، بحيث لا تتحقق بدونه.

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٢٦٨ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۴۸۷۱