الميسور من الاجزاء بمعسورها ، كما يدل على عدم سقوط الميسور من افراد العام بالمعسور منها ، فلا وجه لترديده بينهما وتوقفه عن الجزم بأحدهما.

وكيف كان لا بد من تحقيق هذه الجهة ـ أعني الالتزام بعموم النص للمركب الّذي تعذر بعض اجزائه وللطبيعة التي يتعذر بعض افرادها. وبعبارة أخرى : للأحكام المستقلة التي يتعذر بعضها ـ بنحو يرتفع الغموض عن بعض جهاتها. فنقول : إنه كما يتأتى احتمال سقوط الأجزاء الميسورة عند تعذر غيرها ، كذلك يتأتى هذا الاحتمال لبعض في الأحكام الاستقلالية ، بأن يكون هناك حكمان استقلاليان مجعولان بنحو يتوهم الارتباط بينهما في الثبوت والسقوط. وهذا لا ينافي استقلاليتهما إذ الارتباط بين الحكمين لا يلازم الارتباط في متعلقيهما ، بل يكون لكل منهما إطاعة وعصيان على حدة ، لكن لا يثبت أحدهما بدون الآخر لمصلحة تقتضي جعلهما كذلك ، فإذا تعذر امتثال أحدهما جاء احتمال سقوط الآخر.

وإذا تصورنا هذا ثبوتا في الأحكام الاستقلالية. فنقول : ان الحكم الميسور امتثاله من الحكمين إن كان له دليل إثباتي بعد التعذر واضح ، فهو يدفع احتمال سقوطه ، فلا تكون القاعدة ناظرة إليه.

وذلك نظير الأحكام التي يتكفلها دليل واحد بنحو العموم ـ مثل : « أكرم كل عالم » ـ ، فانه مع تعذر إكرام بعض العلماء يكون العام حجة ودليلا على ثبوت الحكم للباقي ، وحجيته في الباقي عرفا لا تقبل التشكيك والإنكار ، وإن اختلف العلماء في وجهها ، من كونه أقرب المجازات ، أو بالدلالة الضمنية ، أو غير ذلك على ما تقدم تحقيقه في محله.

ففي مثل ذلك يستبعد جدا نظر الرواية إليه ، لعدم توهم السقوط بلحاظ الدليل الإثباتي الواضح على عدمه ، فلا نقول بأنه ممتنع ـ كما جاء في كلمات

۴۸۷۱