عن إثبات الأمر بعد زوال النسيان ثانيا.

ثم انه قد يفصل فيما نحن فيه بين ما إذا كان الدليل الدال على الجزئية بلسان الإخبار والوضع كقوله عليه‌السلام : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (١). وما إذا كان الدليل بلسان التكليف كقوله : « اركع في الصلاة ». فيلتزم بعموم الجزئية في القسم الأول لحالتي الذّكر والنسيان عملا بإطلاق الدليل ، ومقتضاه بطلان العبادة بترك الجزء نسيانا. ويلتزم باختصاص الجزئية في القسم الثاني بحالة الذّكر ، لاختصاص التكليف به بالذاكر فتختص الجزئية به.

ويرجع في غير الذاكر إلى إطلاق دليل المركب الّذي يقتضي نفي اعتبار الجزء الزائد. ويلحق بذلك ما إذا كان دليل الجزئية هو الإجماع ، فان القدر المتيقن منه هو الجزئية حال الذّكر ، ويرجع في غير حالة الذّكر إلى إطلاق دليل المركب ، أو أصالة البراءة.

وقد نفي الشيخ رحمه‌الله هذا التفصيل : بان التكليف الّذي يتكفله دليل الجزئية هو التكليف الغيري لا النفسيّ ، إذا التكليف النفسيّ لا يستلزم جزئية متعلقه. ومن الواضح ان التكليف الغيري معلول للجزئية لا علة لها ، فارتفاعه في حال النسيان لا يكشف عن ارتفاع الجزئية فيها (٢).

وهذا النفي من الشيخ رحمه‌الله انما يتم لو كان منظور المدعي هو ظهور الدليل في اختصاص الجزئية بحال الذّكر كاختصاص التكليف نفسه ، ولكن نظره ليس إلى ذلك ، بل نظره إلى انه لا دليل على الجزئية في غير حال الذّكر ، لأن الكاشف عن الجزئية هو التكليف الغيري وهو يختص بحال الذّكر ، فيرجع في غير حال الذّكر إلى إطلاق دليل الواجب ، نظير ما إذا ثبتت الجزئية

__________________

(١) مستدرك الوسائل ٤ ـ باب ١ من أبواب القراءة الحديث : ٨ ـ تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٨٧ ـ الطبعة الأولى.

۴۸۷۱