الأمر في أخذ قصد القربة في متعلق التكليف ، فان التكليف وان تعدد لكنه ناشئ من غرض واحد ينحصر طريق تحصيله بتعدد الأمر ، ولأجل ذلك كان لهما امتثال وعصيان واحد (١).
وبهذا البيان يتخلص عن الإيراد الّذي ذكرناه على صاحب الكفاية ثانيا ، إذ هو يلتزم بان التكليف بما عدا المنسي عام للذاكر والناسي ، وهناك تكليف آخر يختص بالذاكر بخصوص الجزء الذاكر له.
لكن يرد عليه : ان داعوية الأمر الضمني بالجزء لا تتحقق إلا في ظرف الإتيان بالجزء الآخر وداعوية الأمر به إليه ، فالأمر بالناقص لا يصلح للداعوية إلا في ظرف داعوية الأمر بالجزء الآخر ، أو في ظرف عدم تعلق الأمر بجزء آخر.
فعدم تعلق الأمر بجزء آخر مأخوذ في موضوع داعوية الأمر بالناقص ، وهذا مما لا يمكن الالتفات إليه إلا بالالتفات إلى الجزء والجزم بعدم الأمر به ، وهو ملازم لزوال النسيان عنه ، فداعوية الأمر بالناقص المتوجه إلى الناسي لا تتحقق إلا في ظرف زوال نسيانه ، وهو المحذور المزبور. فالتفت.
وقد ذهب المحقق الأصفهاني في تصحيح اختصاص التكليف بالناسي ـ بعد مناقشته صاحب الكفاية في وجهه الأول ، بأنه خلاف ما وصل إلينا من أدلة الاجزاء ودليل المركب ، فان الأمر فيها بالتمام لا بما عدا المنسي مطلقا ، مضافا إلى عدم تعين المنسي حتى يؤمر بما عداه ذهب ـ إلى : ان الأمر بما عدا الاجزاء الركنية متعلق بالاجزاء على تقدير الالتفات إليها ، واما الاجزاء الأركانية ، فالأمر متعلق بها بقول مطلق بلا تقييد بالالتفات (٢).
وكلامه بحسب ظاهره يرجع إلى نفس وجه الكفاية الأول ، ولا يظهر لنا
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٢١٣ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٨٠ ـ الطبعة الأولى.