موضوعه الاستطاعة لا يصلح للمحركية إلا مع الالتفات إلى الاستطاعة. ومن الواضح ان الناسي لا يمكن أن يلتفت إلى موضوع التكليف وهو كونه ناسيا مع بقاء النسيان ، بل بمجرد الالتفات إليه يزول النسيان ، فالتكليف المأخوذ في موضوعه الناسي غير صالح للمحركية في حال من الأحوال. أما مع الغفلة عن النسيان فواضح. وأما مع الالتفات إليه فلزواله (١).

وهذا الوجه مما لم نجد من استشكل فيه ، بل الكل اتفق مع الشيخ في استحالة تكليف الناسي بعنوانه.

ولكن ذهب صاحب الكفاية إلى إمكان تعلق التكليف بالناسي واختصاصه به لكن لا بعنوانه ، وذكر في ذلك طريقين :

الأول : ان يتعلق التكليف بما عدا الجزء المنسي بمطلق المكلّف أعم من الذاكر والناسي للجزء ، ثم يثبت تكليف آخر للذاكر خاصة بالجزء الّذي يذكره ، فيختص الناسي بالتكليف بما عدا الجزء المنسي بلا لزوم المحذور المزبور ، إذ لم يؤخذ عنوان الناسي في موضوع الحكم بالمرة.

الثاني : ان يوجّه التكليف بالناقص للناسي بعنوان ملازم للنسيان ، بحيث يمكن الالتفات إليه مع عدم زوال النسيان ، كعنوان بلغمي المزاج ونحوه ، فيكون مثل هذا التكليف صالحا للداعوية في حال النسيان (٢).

ويرد عليه قدس‌سره ان التكليف المتعلق بالناقص بكلا نحويه لا يكون هو الداعي لإتيان المركب الناقص ، بل المكلف الناسي يأتي بالفاقد على كل حال ثبت هناك أمر في الواقع أو لم يثبت ، والشاهد على ذلك هو انه قد يأتي بالعمل الفاقد الباطل الّذي لا أمر به كفاقد الركن ، بنفس النحو الّذي يأتي به

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٨٦ ـ الطبعة الأولى.

(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٦٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۸۷۱