التكليفي انما يكون حاكما على الأصل في الشرطية إذا كان من الأصول المحرزة ، كالاستصحاب ، لأنه يتكفل نفي الواقع ظاهرا ، فيرتفع به موضوع الشك المسببي. واما إذا لم يكن محرزا كالبراءة فلا ينفع في الحكومة ، لأن غاية مدلول البراءة هو الترخيص في الفعل والترك بلا تصرف في الواقع ، فيبقى الشك في الشرطية على حاله فلا بد من علاجه بإجراء الأصل فيه (١).
والّذي يبدو لنا : انه لا مجال لجريان الأصل في الحكم التكليفي النفسيّ ، لأجل رفع الشك في الشرطية ، إذا كان التكليف بوجوده الواقعي منشأ للشرطية ، سواء كان الأصل إحرازيا أم لم يكن.
وذلك لأن الحرمة الثابتة للغصب وان كانت منشأ لاعتبار شرطية عدم الغصب في الصلاة من جهة التعارض وغلبة ملاك الحرمة ، إلا ان الشرط ليس هو عدم الحرمة كي يكون إجراء الأصل في الحرمة رافعا للموضوع ونافيا للشك في الشرط ، إذ عدم الضد لا يؤخذ في متعلق الضد الآخر ، فلا معنى لأن يقيّد الواجب بعدم كونه حراما. وإنما الشرط هو عدم متعلق الحرمة ، وهو الغصب ، فالمعتبر في الصلاة هو عدم الغصب ، ومنشأ اعتبار عدمه هو حرمته ، فإذا شك في الحرمة فالأصل فيها لا ينفي الشرط وهو عدم الغصب إلا بالملازمة العقلية.
وبعبارة أخرى : إذا شك في مكان انه غصب أم لا ، يشك في اعتبار عدمه في الصلاة من جهة الشك في الحرمة ، ونفي حرمته واقعا وإن استلزم انتفاء اعتبار عدمه ، لكن ذلك لا يثبت بالأصل إلا على القول بالأصل المثبت ، لأن الملازمة بين الحرمة والشرطية ملازمة عقلية ، وترتب اعتبار العدم على حرمة الفعل مما يحكم به العقل لا الشارع. فمجرد منشئية الحرمة للشرطية لا يصحح الاقتصار على إجراء الأصل في الحرمة ، بل لا بد من إجراء الأصل في الشرطية المشكوكة
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ١٩٣ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.