البراءة في الأقل ، لأنه معلوم الجعل على كل حال ، وانما الشك في أخذه لا بشرط وبنحو الإطلاق ، أو أخذه بنحو التقييد وبشرط شيء.

وهذا بخلاف فرض الاستصحاب ، إذ المفروض ان مجراه عدم وجوب الأكثر بنحو المجموع ، ونفي احتمال وجوب الأكثر بنحو الاستقلال يقابله احتمال وجوب الأقل بنحو الاستقلال وهو مشكوك ، فيكون مجرى لأصالة العدم أيضا. ولا فرق في هذه الجهة بين أصالة البراءة أو الاستصحاب.

فعمدة الفرق بين المقامين ليس راجعا إلى الاختلاف بين البراءة والاستصحاب بل إلى ان المفروض في مجرى الأصل هاهنا يختلف عن مجراه فيما تقدم ، وذلك سبب تحقق المعارضة في ما نحن فيه وعدم تحققها فيما تقدم. فانتبه.

يبقى أمر واحد في كلام المحقق النائيني وعدنا بالتنبيه عليه وهو مدى ارتباط كلامه بكلام الشيخ ، حيث ذهب إلى تقريب جريان أصالة عدم الجزئية بالبيان المتقدم.

وتوضيح ما أفاده الشيخ رحمه‌الله هو : انك عرفت انه فرض للجزئية مرحلة وسطى بين مرحلة الجزئية للمركب الواقعي الراجع إلى دخالة الجزء في المصلحة وبين مرحلة الجزئية للمأمور به ، وهي الجزئية في مقام اللحاظ.

وقد عرفت الإشكال فيه : بان اللحاظ ليس من المجعولات الشرعية كي يصح التعبد بها ، وانما هو من افعال الشارع التكوينية فلا معنى لاستصحابه.

ولكن يمكن توجيه كلامه بما أشار إليه المحقق العراقي قدس‌سره (١) بإرجاع ما أفاده إلى استصحاب عدم الجعل أو التعبد به ، ببيان : ان للأحكام الشرعية مرحلتين مرحلة الإنشاء والجعل. ومرحلة الفعلية. ولا يخفى ان موضوع الإنشاء والجعل هو لحاظ المركب بنحو الوحدة لتقومه به. فاذن لحاظ كل جزء

__________________

(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٣٩٤ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۴۸۷۱