من الإطاعة والعصيان واستحقاق الثواب والعقاب وغير ذلك ، انما تترتب وجودا وعدما على الحكم المجعول لا على الجعل بما هو جعل إلاّ بلحاظ استتباعه للمجعول.
وعليه ، فأصالة عدم الجعل لا أثر لها إلا إذا أريد بها إثبات عدم المجعول ، وهو مما لا يمكن إلا بناء على حجية الأصل المثبت ـ إذ المجعول ليس من الآثار الشرعية للجعل بل من لوازمه ـ أو دعوى خفاء الواسطة.
وبالجملة : استصحاب العدم المحمولي لوجوب الجزء المشكوك مثبت من جهتين.
وأما استصحاب عدم وجوب الأكثر بالعدم الأزلي. بتقريب : ان تعلق الجعل بما يشتمل على السورة مثلا أمر حادث فالأصل عدمه. فيرد عليه :
أولا : ما تقدم من عدم الأثر لأصالة عدم الجعل إلا بلحاظ إثبات عدم المجعول فيكون الأصل مثبتا.
وثانيا : معارضته بأصالة عدم وجوب الأقل ، لأن لحاظ الأقل لا بشرط يباين لحاظه بشرط شيء وكل من اللحاظين مسبوق بالعدم.
ثم أنه ذكر : أن هذا لا ينافي ما تقدم في رد المحكي عن صاحب الحاشية من أن الماهية لا بشرط لا تباين الماهية بشرط شيء ، فان ذلك باعتبار نفس الملحوظ لا باعتبار نفس اللحاظ ، وإلاّ فهما متباينان ، وكل منهما حادث والأصل عدمه. ثم تعرض إلى سائر صور الاستصحاب ، ونكتفي فعلا بهذا المقدار من كلامه (١).
ولا بد من البحث في جهات عديدة في كلامه :
الأولى : ـ وهي أهمها ـ في ما أفاده من عدم جريان استصحاب عدم الجعل
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٣٩٥ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.